يجوز في الاستصناع الاتفاق على تعجيل الثمن كله , أو تعجيل بعضه وتأجيل بعضه , أو تأجيله كله , سواء على دفعة واحدة , أو على أقساط متساوية أو متفاوتة.
فإن لم يشترط شيء من ذلك في العقد اتبع العرف , فإن لم يكن عرف وجب تسليم الثمن بعد تسليم العين فورا. ويجوز للصانع حبس المصنوع حتى يتسلم البدل النقدي , كما في سائر البيوع , ما لم يكن الشيء المصنوع مما يلزم الصانع تركيبه في ملك المستصنع بشرط أو عرف , فيكون دفع الثمن بعد تمام التركيب.
وقد يقال: إن تأجيل الثمن أو بعضه يجعل الاستصناع من بيع دين بدين , لأن كل من المستصنع وبدله يكون في الذمة , وبيع الدين بالدين ممنوع شرعا.
والجواب أن الاستصناع ليس بيعا صرفا وإنما هو إجارة مشوبة بالبيع , أو بيع مشوب بالإجارة. فلا يأخذ أحكامه من البيع وحده. وحيث إن البدل في الإجارة لا يجب دفعه مقدما بل يجوز تأجيله وتقسيطه إجماعا , فكذلك البدل في الاستصناع. ويؤكد هذا أن دليل الاستصناع التعامل الراجع للإجماع ولم يزل تعامل المسلمين في الاستصناع جاريا على عدم الالتزام بتقديم الثمن.