قال القدوري ونقله عنه المرغيناني في الهداية وشرحه الكمال بن الهمام في فتح القدير (٥ / ٣٩١) :
الكفالة ضربان: كفالة بالنفس , وكفالة بالمال , ويدخل في الكفالة بالمال الكفالة بالأعيان. والكفالة بالنفس جائزة , والمضمون بها إحضار المكفول به. ثم نقل عن الشافعي أن الكفالة بالنفس لا تجوز , وهو قول مخالف للقول الأظهر عندهم , وهو أنها جائزة , كقولنا.
وقال في الدر المختار (٤ / ٦٧٩) :
ولا تصح الكفالة بنفس حد وقصاص لأن النيابة لا تجرى في العقوبات.
وقال ابن رشد في المقدمات الممهدات (٢ / ٣٧٩) :
الكفالة تنقسم على قسمين: حمالة بالمال وحمالة بالوجه , فأما الحمالة بالمال فإنها لازمة في الحياة وبعد الممات , كانت في أصل البيع أو بعد عقد البيع , لأنها وان كانت من المعروف , فكأنها إنما خرجت عن عوض وهو ما رضي به المتحمل له من دفع سلعته أو تأخير غريمه.
وأيضا فإنه إذا غرم يرجع بما غرم.
وفي (ص ٣٩٩) قال: وأما الحمالة بالوجه , فإنها جائزة إذا كان المتحمل به مطلوبا بمال , ولم يكن مطلوبا بشيء يجب عليه في بدنه من قتل أوحد أو قصاص أو تعزير.
وقال العلامة خليل وشارحه الدردير في الشرح الصغير والصاوي في الحاشية (٣ / ٤٢٩ - ٤٣٠) :
شمل تعريف الضمان أنواعه الثلاثة أي ضمان الذمة أي (ضمان المال) وضمان الوجه أي (ضمان النفس) وضمان الطلب , سواء كان الطلب على وجه الإتيان به لرب الدين أي (وهو ضمان الوجه) أو مجردا عن ذلك , أي (وهو ضمان الطلب) لأنه تفتيش لا غير.
وقال النووي في متن المنهاج وشارحه الشربيني الخطيب في مغني المحتاج (٢ / ٢٠٣ - ٢٠٤) :
المذهب صحة كفالة البدن في الجملة , وتسمى أيضا كفالة الوجه (وهي التزام إحضار المكفول له للحاجة إليها) لمن عليه مال أو لمن عليه عقوبة لآدمي كقصاص وحد قذف , والمذهب منعها في حدود الله تعالى , كحد الخمر والزنى والسرقة , لأنه يسعى في دفعها ما أمكن , أي تصح في حدود الآدمي.
وقال الخرقي في متنه وابن قدامة في المغني (٤ / ٥٥٦ - ٥٥٧) كما قال الشافعية:
ومن كفل بنفس , لزمه ما عليها وان لم يسلمها , وجملة ذلك أن الكفالة بالنفس صحيحة في قول أكثر أهل العلم. وهذا مذهب شريح ومالك والثوري والليث وأبي حنيفة. ولا تصح الكفالة ببدن من عليه حد , سواء كان حقا لله تعالى كحد الزنى والسرقة , أو لآدمي كحد القذف والقصاص.
وهذا قول أكثر أهل العلم , منهم شريح والحسن وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي , وبه قال الشافعي في حدود الله تعالى واختلف قوله في حدود الآدمي. فقال في موضع: لا كفالة في حدود الآدمي ولا لعان , وقال في موضع: تجوز الكفالة بمن عليه حق أو حد , لأنه حق لآدمي , فصحت الكفالة به كسائر حقوق الآدميين. ودليلنا ما روى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي أنه قال: لا كفالة في حد ولأنه حد , فلم تصح الكفالة فيه , كحدود الله تعالى , ولأن الكفالة استيثاق , والحدود مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهات , فلا يدخل فيها الاستيثاق ولأنه حق لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذر عليه إحضار المكفول به , فلم تصح الكفالة بمن هو عليه كحد الزنى.
وعبارة البهوتي في كشاف القناع عن متن الإقناع (٣ / ٣٦٢ - ٣٦٤) تشبه مع شيء من التفصيل العبارة السابقة , قال: /٥٠ لا تصح الكفالة ببدن من عليه حد أو قصاص لإقامة الحد , لأنه لا يجوز استيفاؤه من الكفيل , كحد زنى وسرقة وقذف وشرب , إلا إذا كفل ببدنه لأجل مال بالدفع , أي بالعفو إلى الدية ليدفعها , وإلا إذا ضمن السلامة بسبب غرم السرقة , أي المسروق , فتصح , لأنه حق مالي.
قال في الدر المختار ورد المحتار (٤ / ٢٧٩) :
لا تصح الكفالة بنفس حد وقصاص , لأن النيابة لا تجري في العقوبات. ولا تصح بحمل دابة معينة مستأجرة له وخدمة عبد معين مستأجر للخدمة , لأنه يلزم تغيير المعقود عليه , بخلاف غير المعين , لوجوب مطلق الفعل , لا التسليم لأنه لو كان الواجب التسليم , لزم صحة الكفالة في المعينة أيضا لأن الكفالة بتسليمها صحيحة.
وجاء في المجلة (م٦٣٢) :
لا تجري النيابة في العقوبات , بناء عليه , لا تصح الكفالة بالقصاص وسائر العقوبات والمجازات الشخصية , ولكن تصح الكفالة بالأرش والدية اللذين يلزمان الجارح والقاتل.
وجاء في مجلة الأحكام الشرعية عند الحنابلة (م١١٣٠) :
لا تصح الكفالة ببدن من عليه قصاص أوحد أو تعزير لإقامة الحد أو التعزير , أما إذا كفله لغرم السرقة أو لأجل الدية الواجبة بالعفو عن القصاص صح.
وقال النووي في المنهاج وشرحه مغني المحتاج (٢ / ٢٠٣ - ٢٠٤) :
والمذهب صحة الكفالة ببدن من عليه عقوبة لآدمي كقصاص وحد قذف , ومنعها في حدود الله تعالى.