للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشترط في المكفول به أن يكون دينا لازما صحيحا , وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء. وهذا شرط خاص بكفالة المال , وهو شرط متفق عليه في الجملة بين المذاهب.

فيصح ضمان كل دين لازم كالثمن والأجرة وعوض القرض ودين السلم وأرش الجناية وغرامة المتلف , لأنه وثيقة يستوفى منها الحق , فصح في كل دين لازم كالرهن وأما ما لا يلزم بحال وهو دين الكتابة فلا يصح ضمانه , لأنه لا يلزم المكاتب أداؤه , فلم يلزم ضمانه.

الكفالة بما ليس بدين ولا تصح عند الحنفية الكفالة بما ليس بدين كنفقة الزوجة قبل القضاء بها أو التراضي عليها , لأنها لا تصير دينا إلا بالقضاء أو الرضا.

ضمان ما لم يجب ويتفرع عن اشتراط كون المكفول به دينا لازما أنه لا يصح عند الحنفية والشافعية ضمان ما لم يجب كجعل الجعالة , لأنه دين غير لازم

قال في المهذب: ولا يصح ضمان ما لم يجب: وهو أن يقول: ما تداين فلان فأنا ضامن له , لأنه وثيقة بحق , فلا يسبق الحق , كالشهادة.

وفي الثمن في مدة الخيار ومال الجعالة ثلاثة أوجه:

أحدها - لا يصح ضمانه , لأنه دين غير لازم , فلم يصح ضمانه كدين الكتابة.

الثاني - يصح , لأنه يؤول إلى اللزوم , فصح ضمانه.

والثالث - يصح ضمان الثمن في مدة الخيار , ولا يصح ضمان مال الجعالة , لأن عقد البيع يؤول إلى اللزوم , وعقد الجعالة لا يلزم بحال.

فأما المال المشروط في السبق والرمي ففيه قولان:

أحدهما: أنه كالإجارة فيصح ضمانه.

والثاني: أنه كالجعالة فيكون في ضمانه وجهان.

قال النووي والشربيني في مغني المحتاج: ضمان الجعل في الجعالة كالرهن به , ومن المعلوم أنه يصح الرهن بالجعل بعد الفراغ من العمل قطعا , ولا يصح قبله , ولو بعد الشروع في الأصح , فلو قال شخص: من رد عبدي فله دينار , فضمنه عنه ضامن قبل مجيء العبد , لأنه غير لازم كمال الكتابة. والفرق بين الجعل والثمن في مدة الخيار: أنه لا يصير إلى اللزوم إلا بالعمل , بخلاف الثمن فإنه يؤول إليه بنفسه.

وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يصح ضمان ما لم يجب , مثل ضمان الجعل. قال خليل وشراح متنه في الشرح الصغير: شرط الدين: لزومه للمضمون في الحال , أو كونه آيلا إلى اللزوم في المستقبل كجعل , كما لو قال شخص لآخر: إن أتيت لي بعبدي الآبق مثلا , فلك دينار , فيصح ضمان القائل , فإن أتى المخاطب بالعبد , لزم الضامن الدينار , إن لم يدفعه رب العبد للعامل. وكذا: داين فلانا وأنا أضمنه , أو إن ثبت لك عليه دين , فأنا ضامن.

فيصح الضمان عندهم في كل حق من الحقوق المالية الواجبة أو التي تؤول إلى الوجوب , كثمن المبيع في مدة الخيار وبعده , والأجرة , والمهر قبل الدخول أو بعده لأن هذه الحقوق لازمة , وجواز سقوطها لا يمنع ضمانها كالثمن في البيع بعد انقضاء الخيار ويجوز أن يسقط برد بعيب أو مقايضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>