جاء في مغني المحتاج (٢ / ٢٠٢)
يصح ضمان رد كل عين ممن هي في يده , مضمون عليه , كمغصوبة ومستعارة ومستامة ومبيع لم يقبض كما يصح بالبدن (أي كفالة النفس) بل أولى , لأن المقصود هنا المال , ويبرأ الضامن بردها للمضمون له , ويبرأ أيضا بتلفها , فلا يلزمه قيمتها , كما لو مات المكفول ببدنه لا يلزم الكفيل الدين , ولو ضمن قيمة العين إن تلفت , لم يصح , لعدم ثبوت القيمة , ومحل صحة ضمان العين إذا أذن فيه واضع اليد , أو كان الضامن قادرا على انتزاعه منه.
أما إذا لم تكن العين مضمونة على من هي بيده كالوديعة والمال في يد الشريك والوكيل والوصي , فلا يصح ضمانها , لأن الواجب فيها التخلية دون الرد.
(يفهم مما ذكر أن الشافعية في ضمان الأعيان كالحنفية والحنابلة , فيكون الجواز رأي جمهور الفقهاء) .
وقال ابن رشد في المقدمات والممهدات (٢ / ٣٧٩) :
الحمالة لا تجوز إلا فيما تصح فيه النيابة , وذلك إنما يكون في المال المتعلق في الذمة , أو ما يؤول إلى المال المتعلق بها.
ابن جزي في القوانين الفقهية (ص ٣٢٥) :
(المضمون) هو كل حق تصح النيابة فيه , وذلك في الأموال وما يؤول إليها , فلا يصح الضمان في الحدود ولا في القصاص , لأنها لا تصح النيابة فيها.
الكاساني في البدائع (٦ / ٧ - ٩)
وأما الذي يرجع إلى المكفول به فنوعان:
أحدهما - أن يكون المكفول به مضمونا على الأصيل , سواء كان دينا أو عينا , أو نفسا أو فعلا ليس بدين ولا عين ولا نفس عند أصحابنا , إلا أنه يشترط في الكفالة بالعين: أن تكون مضمونة بنفسها. .
وأما الفعل: فهو فعل التسليم في الجملة , فتجوز الكفالة بتسليم المبيع والرهن , لأن المبيع مضمون التسليم على البائع , والرهن مضمون التسليم على المرتهن في الجملة بعد قضاء الدين , فكان المكفول به مضمون التسليم على الأصل: وهو فعل التسليم , فصحت الكفالة به , لكنه إذا هلك لا شيء على الكفيل , لأنه لم يبق مضمونا على الأصيل , فلا يبقى على الكفيل.
جاء في مرشد الحيران ما يلي (م٨٢٦)
تصح الكفالة بالأعيان المضمونة بنفسها على الأصيل , وهي التي تجب قيمتها عند هلاكها إن كانت قيمية أو مثلها إن كانت مثلية , كالمبيع فاسدا , أو المغصوب , أو المقبوض على سوم الشراء إن سمي له ثمنا.
(م٨٢٧) :
لا تصح الكفالة بالأعيان المضمونة على الأصيل بغيرها لا نفسها , وهي الأعيان الواجبة التسليم وهي قائمة , وعند هلاكها لا يجب مثلها ولا قيمتها , كالمبيع قبل القبض والرهن , فهما مضمونان بالثمن والدين.
(م٨٢٩) :
لا تصح الكفالة بالأمانات كالوديعة ومال المضاربة والشركة والمؤجر في يد المستأجر.
وقال ابن قدامة في المغني (٤ / ٥٣٨)
يصح ضمان الأعيان المضمونة كالمغصوب والعارية , وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين , وقال في الآخر: لا يصح , لأن الأعيان غير ثابتة في الذمة , وإنما يضمن ما ثبت في الذمة ووصفنا له بالضمان إنما معناه: أنه يلزمه قيمتها إن تلفت , والقيمة مجهولة.
ولنا: أنها مضمونة على من هي في يده , فصح ضمانها كالحقوق الثابتة في الذمة.
وأما الأمانات كالوديعة والعين المؤجرة والشركة والمضاربة والعين التي يدفعها إلى القصار والخياط , فهذه إن ضمنها من غير تعد فيها , لم يصح ضمانها , لأنها غير مضمونة على من هي في يده فكذلك على ضامنه. وإن ضمنها إن تعدى فيها , فظاهر كلام أحمد رحمه الله يدل على صحة الضمان.
وعبارة البهوتي في كشاف القناع (٣ / ٣٦٤) أوضح وهي: /٥٠ وتصح الكفالة بالأعيان المضمونة , كالمغصوب والعواري , لأنه يصح ضمانها ولا تصح الكفالة بالأمانات كالوديعة والشركة والمضاربة , إلا إن كفله بشرط التعدي فيها , فيصح ضمانها.
ولا تصح الكفالة بزوجة لزوجها ولا بشاهد ليشهد له , لأن الذي عليهما أداؤه ليس بمالي , ولا يمكن استيفاؤه من الكفيل.
كشاف القناع (٣ / ٣٥٠ - ٣٥٧)
ولا يصح أيضا ضمان الأمانات كالوديعة والعين المؤجرة ومال الشركة والمضاربة , والعين المدفوعة إلى الخياط ونحوهما , لأنها غير مضمونة على من هي في يده , فكذا على ضامنه.