هذا وقد اختلف الفقهاء في التكييف الشرعي لعقد المضاربة , فهل هو من جنس الإجارات أو من جنس الشركات؟
الاتجاه الأول: المضاربة من جنس الإجارات
يرى جمهور الفقهاء (الحنفية , المالكية , الشافعية) أن المضاربة من جنس الإجارات لأن المضارب يعمل لرب المال مقابل أجر وهو ما شرط له من ربح.
ونظرا لاشتراط معلومية الأجر والعمل في عقد الإجارة , فالأصل في المضاربة عند جمهور الفقهاء أنها غرر , لأنها إجارة مجهولة إذ العامل لا يدري كم يربح في المال.
ولكن الشرع جوزها للضرورة إليها ولحاجة الناس للتعامل بها.
فالمضاربة جائزة على خلاف القياس لأن القياس يقتضي عدم جواز الاستئجار بأجر معدوم ولعمل مجهول , وقد ترك القياس عند الجمهور للأدلة الواردة في الكتاب والسنة والإجماع.
الاتجاه الثاني: المضاربة من جنس المشاركات
يرى ابن تيمية وابن القيم من الحنابلة أن المضاربة ليست من جنس الإجارات حتى يقال أنها خرجت على قواعدها , بل هي من جنس المشاركات , لأن رب المال ليس له قصد في نفس عمل المضارب بل القصد هو ما يحققه من ربح.
ففي المضاربة يشترك المتعاقدان في المغنم والمغرم , فإن حصل ربح اشتركا فيه , وإن لم يحصل شيء اشتركا في المغرم , وذهب نفع بدن هذا كما ذهب نفع مال هذا.
وعليه , تكون المضاربة جائزة على مقتضى القياس الصحيح , وهى شرعت وفق قياس الشركات التي لا يشترط فيها العلم بالعوض والمعوض , وليس هناك في الشريعة ما يخالف القياس.