للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اهتم الفقهاء اهتماما شديدا بصيغة العقود عموما لأنه لا بد من وجود ما يدل على إرادة المتعاقدين لإنشاء أي عقد.

وتتكون هذه الصيغة من الإيجاب والقبول.

والمراد بالإيجاب والقبول العبارتان المتقابلتان الدالتان على اتفاق الطرفين.

ويرى الحنفية: أن الإيجاب هو ما صدر ابتداء من أحدهما , والقبول ما صدر ثانيا من الآخر رضا به.

أما عند الجمهور: فالإيجاب هو ما صدر ممن يكون منه التمليك , سواء أصدر أولا أم ثانيا , والقبول هو ما صدر ممن يصير إليه الملك وإن صدر أولا.

المضاربة المنجزة

وقد تصدر الصيغة (الإيجاب والقبول) تامة , فيكون العقد منجزا , فيترتب عليه أثره فور إنشائه , ويتسلم المضارب مباشرة رأس المال ليعمل فيه.

والأصل في المضاربة أن تكون الصيغة منجزة.

المضاربة المعلقة على شرط

وقد تصدر الصيغة مربوطة بشرط يجعل وجود العقد مرتبطا بوجود شيء آخر قد يوجد وقد لا يوجد , فتكون المضاربة حينئذ معلقة على شرط , ولا توجد إلا بوجود الشرط المعلقة عليه.

ومثال ذلك أن يقول رب المال للمضارب:

إذا أحضر فلان المبلغ الذي عنده , فخذه مضاربة على نصف الربح مثلا.

وقد أجاز الحنفية والحنابلة تعليق المضاربة لأنها كالوكالة تفيد اطلاق التصرف للمضارب والإذن له بذلك فهي من عقود الاطلاقات والإسقاطات وبذلك تحتمل التعليق (كما تحتمل الإضافة والتأقيت) . ومنع ذلك المالكية والشافعية لأن المضاربة من عقود التمليكات إذ فيها تمليك للربح , وعقود التمليكات لا تقبل التعليق (كما لا تقبل الإضافة والتأقيت) لأن ذلك ينافي مقتضاها.

المضاربة المضافة إلى المستقبل

وقد تصدر الصيغة مربوطة بشرط يؤخر ترتب حكم العقد إلى زمن مستقبل معين.

فتكون المضاربة حينئذ مضافة إلى المستقبل ولا يترتب أثرها إلا في الزمن المعين (وليس من وقت العقد) . ومثال ذلك أن يقول رب المال للمضارب: ضاربتك بهذا المال ابتداء من الشهر القادم ولك نصف الربح مثلا.

وقد أجاز الحنفية والحنابلة إضافة المضاربة إلى المستقبل لأنها كالوكالة تفيد اطلاق التصرف للمضارب والإذن له بذلك فهي من عقود الاطلاقات والإسقاطات وبذلك تحتمل الإضافة (كما تحتمل التعليق والتأقيت) . ومنع ذلك المالكية والشافعية لأن المضاربة من عقود التمليكات إذ فيها تمليك للربح , وعقود التمليكات لا تقبل الإضافة (كما لا تقبل التعليق والتأقيت) لأن ذلك ينافي مقتضاها.

المضاربة المؤقتة

وقد تصدر الصيغة مربوطة بقيد أو شرط يحدد المدة التي تنتهي فيها المضاربة , فتكون المضاربة حينئذ مؤقتة.

ومثال ذلك أن يقول رب المال للمضارب: ضاربتك بهذا المال لمدة سنة واحدة.

وقد أجاز الحنفية والحنابلة تأقيت المضاربة لأنها توكيل والتوكيل يحتمل التخصيص بوقت دون وقت.

ومنع ذلك المالكية والشافعية لأن المضارب قد لا يتمكن من تحقيق الربح خلال المدة المعينة , فيخل ذلك بالمقصود.

<<  <  ج: ص:  >  >>