للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ظهر نقص أو زيادة فيما بيع مقدرا بكيل أو وزن أو زرع أو عد , فينظر في المبيع , هل هو مما يضره التبعيض أولا يضره؟

كما ينظر إلى أساس الثمن الذي تم عليه البيع هل هو مجمل أو مفصل على أجزاء؟

فإذا كان المبيع مما لا يضره التبعيض كالمكيلات بأنواعها , وكذلك بعض الموزونات كالقمح , والمذروعات كالقماش الذي يباع بالذراع دون نظر إلى ما يكفي للثوب الواحد , وكذلك المعدودات المتقاربة , فإن الزيادة في المبيع هي للبائع , والنقص على حسابه , ولا حاجة في هذه الحال للنظر إلى تفصيل الثمن أو إجماله.

وإذا كان الثمن مفصلا , كما لو قال: كل ذراع بدرهم , فالزيادة للبائع والنقص عليه , ولا حاجة للنظر إلى كونه يضره التبعيض أو لا.

أما إذا كان الثمن غير مفصل , والمبيع مما يضره التبعيض , فإن الزيادة للمشترى والنقص عليه , ولا يقابله شيء من الثمن , لكن يثبت للمشترى الخيار في حال النقص , وهو خيار تفرق الصفقة.

وذلك لأن ما لا يضره التبعيض يعتبر التقدير فيه كالجزء , وما يضره التبعيض يعتبر التقدير فيه كالوصف. والوصف لا يقابله شيء من الثمن بل يثبت به الخيار. هذا ما ذهب إليه الحنفية.

وذهب الشافعية في الصحيح وهو رواية عند الحنابلة إلى أنه إن ظهر في المبيع المقدر زيادة أو نقصان فالبيع باطل , لأنه لا يمكن إجبار البائع على تسليم الزيادة , ولا المشتري على أخذ البعض , وهناك ضرر في الشركة بين البائع والمشتري بالنسبة لما زاد.

وللمالكية تفصيل بين كون النقص قليلا أو كثيرا. . فإن كان قليلا لزم المشتري الباقي بما ينوبه من الثمن , وإن كثيرا كان مخيرا في الباقي بين أخذه بما ينوبه , أو رده.

وقيل: إن ذلك بمنزلة الصفة للمبيع , فإن وجده أكثر فهو للمشترى , وإن وجده أقل كان المشتري بالخيار بين أخذه بجميع الثمن أو رده.

ومقابل الصحيح عند الشافعية في ظهور الزيادة أو النقصان: صحة البيع للإشارة تغليبا. ثم للشافعية تفصي , وهو أنه إن قابل البائع الجملة بالجملة , كقوله: بعتك الصبرة بمائة على أنها مائة , ففي حال الزيادة أو النقصان يصح البيع , ويثبت الخيار لمن عليه الضرر.

أما إن قابل الأجزاء بالأجزاء كقوله: بعتك الصبرة كل صاع بدرهم على أنها مائة صاع , فإذا ظهرت زيادة أو نقص فالبيع صحيح عند الإسنوي وفرق الماوردي بين النقصان فيكون البيع صحيحا , وبين الزيادة ففيه الخلاف السابق , وهو بطلان البيع على الصحيح , أو صحته على ما يقابله.

وذكر ابن قدامة في المغني أنه إذا قال: بعتك هذه الأرض أو هذا الثوب على أنه عشرة أذرع , فبان أحد عشر , ففيه روايتان ,

إحداهما: البيع باطل , لأنه لا يمكن إجبار البائع على تسليم الزيادة وإنما باع عشرة , ولا المشتري على أخذ البعض , وإنما اشترى الكل , وعليه ضرر في الشركة أيضا.

والثانية: البيع صحيح والزيادة للبائع , لأن ذلك نقص على المشتري , فلا يمنع صحة البيع كالعيب , ثم يخير البائع بين تسليم المبيع زائدا , وبين تسليم العشرة , فإن رضي بتسليم الجميع فلا خيار للمشتري , لأنه زاده خيرا , وإن أبي تسليم المبيع زائدا فللمشترى الخيار بين الفسخ , والأخذ بجميع الثمن المسمى وقسط الزائد , فإن رضى بالأخذ أخذ العشرة , والبائع شريك له بالذراع.

وهل للبائع خيار الفسخ؟ وجهان ,

أحدهما: له الفسخ لأن عليه ضررا في المشاركة.

والثاني: لا خيار له , وقواه ابن قدامة.

وإن بان المبيع تسعة ففيه روايتان ,

إحداهما: يبطل البيع كما تقدم.

والثانية: البيع صحيح , والمشتري بالخيار بين الفسخ والإمساك بنسبة أعشار الثمن.

وإن اشترى صبرة على أنها عشرة أقفزة , فبانت أحد عشر , رد الزائد ولا خيار له هاهنا , لأنه ضرر في الزيادة وإن بانت تسعة أخذها بقسطها من الثمن.

ومتى سمى الكيل في الصبرة لا يكون قبضها إلا بالكيل , فإن وجدها زائده رد الزيادة , وإن كانت ناقصة أخذها بقسطها من الثمن.

وهل له الفسخ في حالة النقصان , الجواب على وجهين ,

أحدهما: له الخيار.

والثاني: لا خيار له.

<<  <  ج: ص:  >  >>