اتفق الفقهاء على فساد المضاربة في حالة التضييق على المضارب بحيث لا يستطيع مزاولة عمله بطريقة تمكنه من تحقيق هدف المضاربة ومقصودها وهو الربح. ذلك أن المضاربة عقد على غاية وهي الربح وليس على مجرد الوسيلة على ذلك وهو العمل , ولذا فإنه يجب مراعاة ذلك بعدم اشتراط أي شرط في الوسيلة (العمل) يعيق عن تحقيق هذا الغرض أو الغاية (الربح) .
وهذا الشرط لا يعني حرمان رب المال من اشتراط أو تحديد بعض تصرفات المضارب , فهو صاحب المال ومن حقه ذلك , والمضاربة كما تجوز مطلقة تجوز أيضا مقيدة.
ولكن بالرغم من اتفاق الفقهاء على جواز تقييد رب المال لعمل المضارب بقيد مفيد لا يؤدي إلى الإخلال بمقصود العقد سواء كان القيد بخصوص نوع العمل أو المكان أو الزمان أو من يعامله المضارب.
فإنهم قد اختلفوا في تحديد نوع التضييقات والقيود المخلة بالمقصود. . . واجتهد كل فريق بما رأى أنه العرف المتبع أو العادة الجارية.
فمنهم من رأى أن هذا القيد مفيد فقال بجوازه , ومنهم من رأى أنه غير مفيد وإنما فيه تضييق على العامل قد ينتج عنه عدم الحصول على الربح المطلوب وتحقيق المقصود من المضاربة فقال بعدم جوازه.
تقييد نوع العمل
- القيد: منع المضارب عن التعامل في صنف معين من البضائع يجوز باتفاق الفقهاء لأن القيد هنا مفيد , وليس فيه تضييق على المضارب إذ لا يمنعه من تحقيق الربح الذي هو المقصود من العقد.
- القيد: إلزام المضارب التعامل في صنف محدد من البضائع هذا القيد جائز عند الحنفية والحنابلة لأن المضارب يتصرف بمال المضاربة بإذن رب المال بصفته وكيلا عنه , فوجب عليه الالتزام بما قيد به. وهو جائز عند المالكية والشافعية بشرط أن يكون الصنف المحدد غير نادر الوجود لأن ذلك تضييق ينافي مقتضى المضارب.
تقييد المكان
- القيد: تعيين مكان عام يعمل فيه المضارب كبلد أو مدينة ما يجوز باتفاق الفقهاء لأن المضاربة توكيل من رب المال , والتوكيل في شيء معين يختص به , وفي هذا الشرط محافظة على المضاربة من الأخطار.
- القيد: تعيين مكان خاص يعمل فيه المضارب كسوق محدد لا يتعداه هذا القيد جائز عند الحنفية والحنابلة والشافعية لأن السوق كالمكان العام يمكن الاتجار فيه وتحقيق مقصود المضاربة دون تضييق على المضارب.
ولا يجوز عند المالكية لما فيه من التضييق على المضارب لتحصيل الربح.
- القيد: تعيين حانوت خاص يعمل فيه المضارب دون أن يتعداه هذا القيد جائز عند الحنفية والحنابلة لأن فيه محافظة على المال , ولا يمنع الربح بالكلية.
ولا يجوز عند المالكية والشافعية لأنه يحد من حركة المضارب في تقليب المال.
تقييد الزمان
- القيد: تأقيت المضاربة بزمن محدد تنتهي فيه هذا القيد جائز عند الحنفية والحنابلة لأن المضاربة توكيل , والتوكيل يحتمل التخصيص بوقت دون وقت. وهو جائز أيضا عند الشافعية في حالة منع المضارب من الشراء فقط والسماح له بالبيع بعد المدة المحددة لتمكينه من تنضيض مال المضاربة.
أما عند المالكية فهذا القيد لا يجوز لأن المضارب قد لا يتمكن من تحقيق الربح خلال المدة المعينة فيخل ذلك بالمقصود.
تقييد من يعاملهم المضارب
- القيد: تقييد المضارب بمعاملة أشخاص معينين أو منعه عن معاملتهم هذا القيد جائز باتفاق الفقهاء لأن رب المال يزداد ثقة في المعاملة , وفى نفس الوقت يبقى مجال تحقيق الربح متوفرا للمضارب , فلا يخل هذا القيد بالمقصود.
- القيد: تقييد المضارب بمعاملة شخص بعينه هذا القيد جائز عند الحنفية والمالكية لأنه لا يمنع من تحصيل الربح ولا ينافي مقتضى العقد , فيتقيد المضارب بما أذن له فيه كالوكيل.
ولا يجوز عند المالكية والشافعية لأن الشخص المعين قد لا يعامله فيخل المقصود من المضاربة.