للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدائع الصنائع (ج٦ ص٩٥ - ٩٦)

وأما القسم الذي للمضارب أن يعمله إذا قيل له اعمل برأيك وإن لم ينص عليه , فالمضاربة والشركة والخلط:

- فله أن يدفع مال المضاربة مضاربة إلى غيره ,

- وأن يشارك غيره في مال المضاربة شركة عنان ,

- وأن يخلط مال المضاربة بمال نفسه إذا قال له رب المال اعمل برأيك , وليس له أن يعمل شيئا من ذلك إذا لم يقل له ذلك:

- أما المضاربة فلأن المضاربة مثل المضاربة , والشيء لا يستتبع مثله فلا يستفاد بمطلق عقد المضاربة مثله ولهذا لا يملك الوكيل التوكيل بمطلق العقد كذا هذا

- وأما الشركة فهي أولى أن لا يملكها بمطلق العقد لأنها أعم من المضاربة , والشيء لا يستتبع مثله فما فوقه أولى

- وأما الخلط فلأنه يوجب في مال رب المال حقا لغيره فلا يجوز إلا بإذنه.

المغني (ج٥ ص١٥٩)

وليس للمضارب دفع المال إلى آخر مضاربة نص عليه أحمد في رواية الأثرم وحرب وعبد الله قال: إن أذن له رب المال وإلا فلا.

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (ج٣ ص٥٢٦)

أو شارك العامل غيره بمال القراض بلا إذن فيضمن لأنه عرضه للضياع لأن ربه لم يستأمن غيره.

المدونة الكبرى (ج٤ ص٥٥)

وقال مالك

ولا يجوز للعامل أن يقارض غيره إلا بأمر رب المال قال:

وكذلك أيضا لا يجوز للعامل أن يشارك بالقراض إلا بأمر رب المال لأنه إذا جاز له أن يقارض بأمر رب المال جازت له الشركة.

المبسوط (ج١٢ ص١٠٢)

ولو دفع إلى رجل مالا مضاربة بالنصف وقال له اعمل برأيك , فالمضارب بهذا اللفظ يملك الخلط والشركة والمضاربة في المال لأن ذلك كله من رأيه وهو من صنيع التجار.

المجموع (ج١٤ ص٣٧٤)

وقال الماوردي

إن العامل في القراض ممنوع أن يقارض غيره بمال القراض ما لم يأذن له رب المال به إذنا صحيحا صريحا.

وقال أبو حنيفة إن قال له رب المال عند دفعه له اعمل فيه برأيك جاز أن يدفع منه قراضا إلى غيره لأنه مفوض إلى رأيه فجاز أن يقارض لأنه من رأيه وهذا خطأ.

المغني (ج٥ ص١٦٢)

وإن قال اعمل برأيك أو بما أراك الله جاز له دفعه مضاربة نص عليه لأنه قد يرى أن يدفعه إلى أبصر منه ويحتمل أن لا يجوز له ذلك لأن قوله اعمل برأيك يعني في كيفية المضاربة والبيع والشراء وأنواع التجارة , وهذا يخرج به عن المضاربة فلا يتناوله إذنه.

بدائع الصنائع (ج٦ ص٩٧ / ٩٨)

أما إذا قال له اعمل برأيك , فله أن يدفع مال المضاربة مضاربة إلى غيره لأنه فوض الرأي إليه وقد رأى أن يدفعه مضاربة , فكان له ذلك ثم إذا عمل الثاني وربح كيف يقسم الربح؟ فنقول جملة الكلام فيه أن رب المال لا يخلو:

[الفصل الأول] : أما أن كان أطلق الربح في عقد المضاربة ولم يضفه إلى المضارب بأن قال على أن ما رزق الله تعالى من الربح فهو بيننا نصفان:

(فلو) دفع المضارب الأول المال إلى غيره مضاربة بالثلث فربح الثاني , فثلث جميع الربح للثاني لأن شرط الأول للثاني قد صح لأنه يملك نصف الربح فكان ثلث جميع الربح بعض ما يستحقه الأول , فجاز شرطه للثاني فكان ثلث جميع الربح للثاني ونصفه لرب المال لأن الأول لا يملك من نصيب رب المال شيئا , فانصرف شرطه إلى نصيبه لا إلى نصيب رب المال , فبقى نصيب رب المال على حاله وهو النصف وسدس الربح للمضارب الأول لأنه لم يجعله للثاني , فبقى له بالعقد الأول , ويطيب له ذلك لأن عمل المضارب الثاني وقع له فكأنه عمل لنفسه كمن استأجر إنسانا على خياطة ثوب بدرهم فاستأجر الأجير من خاطه بنصف درهم طاب له الفضل لأن عمل أجيره وقع له فكأنه عمل بنفسه كذا هذا.

ولو دفع إلى الثاني مضاربة بالنصف فنصف الربح للثاني ونصفه لرب المال ولا شيء للمضارب الأول لأنه جعل جميع ما يستحقه وهو نصف الربح للثاني , وصح جعله لأنه مالك للنصف والنصف لرب المال بالعقد الأول وصار كمن استأجر رجلا على خياطة ثوب بدرهم فاستأجر الأجير من خاطه بدرهم.

ولو دفعه إليه مضاربة بالثلثين فنصف الربح لرب المال ونصفه للمضارب الثاني ويرجع الثاني على الأول بمثل سدس الربح الذي شرطه له لأن شرط الزيادة إن لم ينفذ في حق رب المال لما لم يرض لنفسه بأقل من نصف الربح فقد صح فيما بين الأول والثاني لأن الأول غر الثاني بتسمية الزيادة والغرور في العقود من أسباب وجوب الضمان وهو في الحقيقة ضمان الكفالة , وهو أن الأول صار ملتزما سلامة هذا القدر للثاني ولم يسلم له فيغرم للثاني مثل سدس الربح ولا يصير بذلك مخالفا لأن شرطه لم ينفذ في حق رب المال فالتحق بالعدم في حقه فلا يضمن وصار كمن استأجر رجلا لخياطة ثوب بدرهم فاستأجر الأجير من يخيطه بدرهم ونصف انه يضمن زيادة الأجرة كذا هذا.

[الفصل الثاني] :

واما إن أضافه (الربح) إلى المضارب بأن قال:

على أن ما رزقك الله تعالى من الربح أو ما أطعمك الله عز وجل من ربح أو على أن ما ربحت من شيء أو ما أصبت من ربح (فهو بيننا نصفان مثلا) فدفعه (المضارب) الأول مضاربة إلى غيره بالثلث أو بالنصف أو بالثلثين فجميع ما شرط للثاني من الربح يسلم له وما شرط للمضارب الأول من الربح يكون بينه وبين رب المال نصفين بخلاف الفصل الأول.

ووجه الفرق أن هنا (الفصل الثاني) شرط رب المال لنفسه نصف ما رزق الله تعالى للمضارب أو نصف ما ربح المضارب فإذا دفع إلى الثاني مضاربة بالثلث كان الذي رزق الله عز وجل المضارب الأول الثلثين فكان الثلث للثاني , والثلثان بين رب المال وبين المضارب الأول نصفين لكل واحد منهما الثلث وفى الفصل الأول رب المال إنما شرط لنفسه نصف جميع ما رزق الله تعالى ونصف جميع الربح وذلك ينصرف إلى كل الربح.

المغني (ج٥ ص١٦٢)

وإن أذن رب المال في دفع المال مضاربة جاز ذلك , نص عليه أحمد ولا نعلم فيه خلافا , ويكون العامل الأول وكيلا لرب المال في ذلك فإذا دفعه إلى آخر ولم يشترط لنفسه شيئا من الربح كان صحيحا وان شرط لنفسه شيئا من الربح لم يصح لأنه ليس من جهته مال ولا عمل والربح إنما يستحق بواحد منهما.

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (ج٣ ص٥٢٦)

حاصله أن عامل القراض إذا دفع المال لعامل آخر قراضا بغير إذن رب المال فإن حصل تلف أو خسر فالضمان من العامل الأول كما مر في قوله (أو قارض بلا إذن) وان حصل ربح فلا شيء للعامل الأول من الربح وإنما الربح للعامل الثاني ورب المال.

إن دخل العامل الأول مع الثاني على مثل ما دخل عليه الأول مع رب المال فظاهر , وان دخل معه على أكثر مما دخل عليه مع رب المال فإن العامل الأول يغرم للعامل الثاني الزيادة والربح للعامل الثاني مع رب المال ولا شيء للعامل الأول من الربح لأن القراض جعل لا يستحق إلا بتمام العمل والعامل الأول لم يعمل فلا ربح له وإن دخل معه على أقل فالزائد لرب المال لا للعامل الأول لأنه لا شيء له إذا لم يحصل ربح فإن لم يحصل للعامل الثاني ربح فلا شيء له ولا يلزم للعامل الأول لذلك الثاني شيء أصلا كما هو القاعدة أن العامل لا شيء له إذا لم يحصل له ربح.

<<  <  ج: ص:  >  >>