للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ضمان على المضارب في عقد المضاربة إلا بالتفريط والتعدي.

فقد اتفق الفقهاء على أن المضارب أمين على ما بيده من مال المضاربة , لأن هذا المال في حكم الوديعة , وإنما قبضه المضارب بأمر رب المال لا على وجه البدل والوثيقة. فلا يضمن المضارب إلا بالتفريط والتعدي شأنه في ذلك شأن الوكيل والوديع وسائر الأمناء.

واتفق الفقهاء على عدم صحة اشتراط ضمان رأس المال على المضارب في العقد لكي لا يتحمل وحده الخسارة المالية في حالة حدوثها فيضيع جهده بالإضافة إلى جزء من ماله وهو خلاف القاعدة الشرعية (الربح على ما اصطلحا والوضيعة على رب المال) , حيث يجب أن يتحمل المضارب خسارة جهده وعمله فقط , بينما يتحمل رب المال خسارة ماله , فهذا الشرط ليس من مصلحة العقد ولا من مقتضاه.

وكذلك منع جمهور الفقهاء تطوع المضارب بضمان مال المضاربة ولو خارج العقد وبعد الشروع في العمل , لأن المضارب يكون متهما برغبته في استدراج رب المال وابقاء رأس المال بيده.

ولكن أجاز بعض فقهاء المالكية تطوع المضارب بالضمان وذلك قياسا على جواز تطوع الوديع والمكترى بضمان ما بيده إذا كان هذا التطوع بعد تمام العقد مع أن الأصل فيهما أن يكونا أمانة في يده , فكذلك المضارب يجوز له أن يتطوع بضمان رأس المال بعد تمام عقد المضاربة وإن كان الأصل أنه أمانة بيده.

أما تبرع طرف ثالث بضمان رأس المال فهذا قد أجازه مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة حيث جاء في مقرراتها أنه:

ليس هناك ما يمنع شرعا من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين , على أن يكون التزاما مستقلا عن عقد المضاربة بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطا في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به , بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>