يرى الفقهاء أن الشركة على اختلاف أنواعها تتضمن وكالة كل شريك عن صاحبه ولذا يجب أن تتوافر فيه شروط الوكيل باعتباره وكيلا , وشروط الموكل باعتباره موكلا صاحبه إذ أن كلا من الشركاء وكيل عن صاحبه في التصرف في موضوع الشركة بيعا وشراء واستثمارا واستئجارا وتقبلا للأعمال لأن هذا هو مقتضى الشركة.
ولكن نية المشاركة تخرج الوكالة من الشركة - وإن كانت الشركة تقوم على الوكالة - لأن الوكيل لا يشارك في الربح ولا في الخسارة وإنما يأخذ أجرا على وكالته وقد لا يأخذ ونية المشاركة غير متوفرة من البدء.
وبالنظر لتبادل الحقوق يرى معظم الفقهاء أن الشركة من عقود المعاوضة وهي التي يأخذ فيها العاقد مقابلا لما يعطى , بمعنى أن كل شريك يقدم حصة في رأس المال ويأخذ نصيبا من أرباح الشركة مقابل هذه الحصة.
وقد تكون مبادلة مال بمال إذا كان رأس المال من النقدين أو غيرها (عند من يجيز الشركة بالعروض من الفقهاء) مقابل ربح مالي , وقد تكون مبادلة عمل بمال كما في شركتي الصنائع والوجوه.
على أن بعض الفقهاء ومنهم الأستاذ مصطفى الزرقا يرى أن الشركة ليست من عقود المعاوضة , فهو يقول: (وأما عقود الإعارة والوكالة والشركة ونحوها , فإنها خالية خلوا تاما من معنى المعاوضة , فتعتبر عقود أمانة ويكون مال الموكل في يد وكيله , ومال القاصر في يد وصيه , ومال الشريك في يد شريكه والعارية في يد مستعيرها , كل ذلك أمانة محضة غير مضمونة بمقتضى العقد كالوديعة) .
ويوضح الأستاذ مصطفى الزرقا المبدأ الشرعي الذي يقوم على أساسه التمييز بين عقود الضمانات وعقود الأمانات فيقول: (إن فكرة الضمان في العقد تدور مع معنى المعاوضة فيه ولو نهاية ومآلا , وحينئذ يكون العقد عقد ضمان في الناحية التي تتعلق بها المعاوضة) .
وعلى هذا الأساس فهو يعتبر الشركة من عقود الأمانات وليس المعاوضات ويذكر ما جاء في آخر بحث شركة العنان من كتاب الهداية ما نصه: (ويد الشريك في المال يد أمانة لأنه قبض المال بإذن المالك لا على وجه البدل والوثيقة , فصار كالوديعة) .
غير أن هذه الأمانة في الشركة لا تمنع المعاوضة كما جاء في تعليق الدكتور عبد العزيز الخياط في كتابة الشركات في الشريعة الإسلامية , فهو يقول: (ومقتضى كون الشركة من عقود المعاوضات لا يمنع أن تكون من حيث الضمان عقود أمانة في بعض أنواع الشركات كالمضاربة , وهي من عقود الضمان في بقية أنواع الشركة حيث يضمن كل شريك ما تلف من مال صاحبه بعد الخلط وعدم تمييز نصيب كل شريك من نصيب صاحبه) .