أجمع الفقهاء على أن الشركة مشروعة , ومبنى هذا الإجماع على الأدلة المعتبرة من القرآن الكريم والسنة المطهرة.
بل أن الأحاديث التي أوردناها ولا سيما الحديث القدسي الذي يقول فيه الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما إنها تدل بوضوح لا على الإباحة والجواز فقط بل على استحبابها وتشرف الشارع إليها وحثه عليها بل إنه يمكن القول بوجوبها في حالة حاجة الأمة أو الدولة المسلمة إلى مشروعات ضخمة لا يستطيع الأفراد بمفردهم القيام بها , وحينئذ يكون وجوبها من باب: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب , ولا سيما في عصرنا الحاضر الذي رأينا فيه أن الاستعمار الغربي بدأ باستعمار ديارنا عن طريق الشركات الضخمة كشركة الهند الشرقية.
والحكمة من مشروعية الشركة هي التعاون من خلال جمع الأموال الكثيرة من الأشخاص , وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية والقيام بمشروعات ضخمة لخدمة المجتمع الإسلامي تجاريا وصناعيا وزراعيا.
فالبركة دائما مع الجماعة , والخير كله مع التعاون ولذلك أمر الله تعالى بالتعاون فقال:{وتعاونوا على البر والتقوى}(سورة المائدة: ٢) .
فالشركة تعاون بين أصحاب الأموال لجمع الأموال الكافية لتحقيق الأهداف التنموية للمجتمع , ودفع لحاجة أصحاب رءوس الأموال الصغيرة الذين لا يستطيعون وحدهم أن يدخلوا في المشروعات المناسبة فيضموا أموالهم إلى أموال الآخرين من خلال عقد الشركة فيتكون منها مال كبير يكون قادرا على إنجازها , وعلى تحقيق الربح المناسب للأطراف المشاركة , ولو لم تكن مثل هذه الشركات لظلت الأموال القليلة غير قادرة على الاستثمار والمساهمة في التنمية , بل قد تكنز أموال هؤلاء الأشخاص الذين ليس لهم قدرة على الاستثمار حتى ولو كانت أموالهم كبيرة بسبب عدم خبرتهم فحينما توجد الشركات يتسارع أصحاب هذه الأموال لشراء أسهمها والمساهمة في تحقيق أغراضها , إضافة إلى تحقيق التكامل بين المال والخبرة والعمل في شركات المضاربة والمساقاة والمزارعة ونحوها وكل هذه الأغراض مشروعة بل هي داخلة في مقاصد الشريعة الغراء.