بحث الفقهاء مسألة خلط رأس مال الشركة , وهي مسألة لم يتعرض لها القانون الوضعي لأنه يعتبر الشركة بمجرد انعقادها شخصا معنويا منفصلا عن الشركاء , فتنتقل ملكية جميع رأس المال المشارك به إلى الشركة , وتتعلق شركتهم بحصصهم فيها , فلا مجال لخلط الأموال بعضها ببعض , أما الفقهاء فإنهم اختلفوا في هذه المسألة.
رأي الشافعية في الخلط
ذهب الشافعية إلى أن شركة الأموال لا تصح إلا بخلط حصص الشركاء في رأس المال خلطا لا يتميز به مال أحدهم عن الآخر.
ويجب أن يتم ذلك الخلط قبل التصرف حتى يكون الربح ربح مال مشترك بين الشركاء , ذلك لأن كل مال ملك لصاحبه قبل خلطه وذلك يستلزم أن يكون ربحه له خاصة لأنه يكون نماء مال لا شركة فيه.
ولا يكفى عندهم الخلط مع إمكان التمييز لنحو اختلاف جنس كدراهم ودنانير أو حنطة عتيقة وحنطة جديدة ولهذا لم تصح عندهم الشركة في المتقومات لأنه لا يمكن خلط أعيانها.
رأي الحنابلة والحنفية
لم يشترط الحنابلة وكذلك الحنفية خلط المالين في شركة الأموال لصحة الشركة إذا تعين المال وأحضر لأن عقد الشركة عقد يقصد به الربح فلا يشترط فيه خلط المال ثم أنه عقد على التصرف فلا يشترط فيه الخلط كذلك , ولذا كان هلاك أحد المالين في ضمان الشركاء سواء أكان ذلك قبل التصرف أم بعده.
رأي المالكية
يرى المالكية أن الخلط ليس شرطا لصحة العقد , فالعقد ينشأ صحيحا بمجرد القول , وإنما هو شرط في الضمان بمعنى أن رأس المال يضمنه الشركاء جميعا لو هلك بعد الخلط , أما ما يهلك قبل الخلط فإنه يهلك على صاحبه خاصة.
هذا وشرط الخلط عند المالكية خاص بالمثليات أما العروض القيمية فلا يتوقف ضمانها على خلطها , كما أن الخلط ليس حتما أن يكون حقيقيا بحيث لا يتميز المالان بل يكفي الخلط الحكمي بأن يجعل المالان في حوز شخص واحد أو في حوز الشريكين معا كأن يوضع المالان منفصلين في دكان وبيد واحد من الشريكين مفتاح له أو يوضع كل مال في حافظة على حدة وتسلم الحافظتان إلى أحد الشريكين أو إلى صراف محلهما أو أي أمين يختارانه.