للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشركة تقوم على الوكالة , فكل شريك وكيل عن صاحبه في إدارة الشركة.

والأصل في التصرف أن يكون لكل من الشريكين أن يبيع ويشترى مساومة ومرابحة وتولية ومواضعة , وكيف يرى المصلحة لأن هذا عادة التجار.

ولكن لو تشارطا في عقد الشركة على أن يبيعا نقدا لا نسيئة , أو نسيئة لا نقدا , أو في شركة العنان أن يبيع أحدهما نقدا والآخر نسيئة كانا على شرطهما بل لو تراضيا على مثل هذه القيود بعد العقد وجب الالتزام بذلك , وكذلك لو نهى أحدهما شريكه في شركة العنان أن يبيع على نحو معين يمتنع عليه أن يفعل ما نهى عنه حتى لو أنه خالف لكان ضامنا حصة شريكه.

فتصرف الشريك يتقيد بشروط العقد , والعرف التجاري , وفي كل ذلك هو مقيد في تصرفاته بما يبيحه الشرع الإسلامي , فلو تصرف تصرفا ممنوعا كان تصرفه باطلا ويتحمل مسئولية تصرفه وإثمه.

توكيل الشريك الغير في بعض التصرفات

ذهب الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة إلى أن لكل من الشريكين أن يوكل في البيع والشراء وسائر التصرفات: كاستئجار أجير أو دابة أو عربة أو صانع لشيء من تجارتهما , وكالإنفاق في مصالح الشركة.

على أنه يجوز للشريك الآخر أن يعزل الوكيل الذي وكله شريكه متى ما شاء , شأن وكيل الوكيل.

وذهب الشافعية وأكثر الحنابلة إلى أنه ليس للشريك حق التوكيل بدون إذن شريكه , لأنه إنما ارتضى تصرفه هو. وقاعدتهم: (أن من لا يعمل إلا بإذن لا يوكل إلا بإذن) .

كما ذهب الفقهاء إلى أنه لكل من الشريكين أن يستأجر من يعمل للشركة: سواء في إصلاح مالها كعلاج دوابها , وتركيب آلاتها أم في حراسته وحفظه , أم في الاتجار به , أم في غير ذلك , ويمضى ذلك على شريكه , لأن عادة التجار قد جرت بالاستئجار في كل ما يعود نفعه على تجارتهم.

دفع الشريك مال الشركة في مضاربة

ذهب الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة إلى أن لكل من الشريكين أن يدفع مال الشركة إلى أجنبي مضاربة , لأن المضاربة أضعف من الشركة , والأقوى يستتبع الأضعف.

وإنما كانت المضاربة أضعف. لأن الخسارة فيها يختص بها رب المال , وهي في الشركة على الشريكين بقدر المالين , وفي المضاربة الفاسدة ليس للمضارب شيء من الربح , أما في الشركة الفاسدة فالربح بين الشريكين بقدر ماليهما , ثم مقتضى الشركة الاشتراك في الأصل والربح , ومقتضى المضاربة الاشتراك في الربح دون الأصل.

إلا أن المالكية يزيدون لجواز المضاربة قيد اتساع المال.

وذهب الشافعية والحنابلة الذين لا يجيزون للشريك التوكيل والاستئجار للتجارة بدون إذن شريكه إلى منعه من دفع مال الشركة إلى أجنبي مضاربة.

إيداع الشريك مال الشركة عند الغير

ذهب الحنفية إلى أن لكل من الشريكين أن يودع مال الشركة , لأن له أن يتركه في عهدة حارس يستأجره لحفظه , فلأن يكون له ذلك بدون أجر أجدر وأولي. على أن الإيداع من مصالح التجارة , إذ تتقى به السرقات , وأخطار الطريق وغير الطريق.

أما غير الحنفية , فلا يرون للشريك أن يودع إلا إذا دعت إلى ذلك حاجة به , إذ المال قد يضيع بالإيداع. حتى لو أنه أودع من غير حاجة , فضاع المال ضمنه.

سفر الشريك بمال الشركة

ذهب أبو حنيفة ومحمد والحنابلة إلى أن لكل من الشريكين أن يسافر بمال الشركة دون إذن شريكه إذا أمن الطريق لأن المفروض أن الشركة أطلقت , ولم تقيد بمكان. فالإذن بالتصرف الصادر في ضمنها لكل شريك هو على هذا الإطلاق , إذ لا يخرج المطلق عن إطلاقه إلا بدليل , ولا دليل , ويستوي بعد ذلك أن يكون السفر قريب الشقة أو بعيدها , وأن يكون المال خفيف المحمل أو ثقيله على خلاف في كل من هذا وذاك.

وذهب الشافعية وأبو يوسف إلى أنه ليس للشريك أن يسافر بمال الشركة إلا بإذن صريح أو عرفي أو ضرورة. ومن الإذن العرفي: ما لو عقدت الشركة على ظهر سفينة , ثم استمرت الرحلة إلى المقصد. ومن الضرورة: جلاء أهل البلد عنه لكارثة , أو فرارا من زحف العدو القاهر.

فإذا خالف الشريك , فسافر سفرا غير مسموح به , كان عليه ضمان حصة شريكه , لو ضاع المال. لكنه لو باع شيئا مضى بيعه دون أي تناف بين هذا , وبين ثبوت ضمانه. وكذا المالكية في شركة العنان , أما شريك المفاوضة فليس مقيدا إلا برعاية المصلحة.

تبرع الشريك بمال الشركة

ليس لأحد الشريكين إتلاف مال الشركة أو التبرع به: لأن المقصود بالشركة التوصل إلى الربح. فما لم يكن ثمة إذن صريح من الشريك الآخر , لا يملك أحد الشريكين أن يهب , أو يقرض من مال الشركة , قليلا أو كثيرا إذ الهبة محض تبرع , والإقراض تبرع ابتداء , لأنه إعطاء المال دون تنجز عوض في الحال.

فإذا فعل فلا جواز لفعله على شريكه إلا بإذن صريح , وإنما ينفذ في حصة نفسه لا غير.

<<  <  ج: ص:  >  >>