اختلف الفقهاء فيمن يسلم أولا: البائع أم المشتري حسب نوعي البدلين , وينقسم ذلك إلى أحوال:
الحالة الأولى
أن يكونا معينين (المقابضة) أو ثمنين (الصرف) : ذهب الحنفية إلى أن المتعاقدين يسلمان معا تسوية بينهما في العينية والدينية.
وذهب المالكية إلى أنهما يتركان حتى يصطلحا , فإن كان بحضرة حاكم وكل من يتولى ذلك لهما.
وعند الشافعية في الأظهر: يجبران على التسليم لاستواء الجانبين , لأن الثمن المعين كالمبيع في تعلق الحق بالعين.
وعند الحنابلة , يعين الحاكم عدلا بينهما يقبض منهما , ثم يسلمه إليهما قطعا للنزاع لاستوائهما في تعلق حقهما بعين الثمن والمثمن.
الحالة الثانية
أن يكون أحدهما معينا والآخر دينا في الذمة: اتفق الحنفية والمالكية والشافعية على القول بمطالبة المشتري بالتسليم أولا.
وذلك لأن حق المشتري تعين في المبيع , فيدفع الثمن ليتعين حق البائع بالقبض , وتحقيقا للمساواة.
وذهب الشافعية في المذهب والحنابلة: إلى أن البائع يجبر على التسليم أولا , لأن قبض المبيع من تتمات البيع , واستحقاق الثمن مرتب على تمام البيع , ولجريان العادة بذلك.
أما ما يترتب على إخلال المشتري بأداء الثمن الحال , وكذلك الثمن المؤجل إذا حل أجله , فقد انفق الفقهاء على إجبار المشتري على أداء الثمن حالا إن كان موسرا , كما ذهب الجمهور إلى أن للبائع حق الفسخ إذا كان المشتري مفلسا , أو كان الثمن غائبا عن البلد مسافة القصر.
بينما رأى الحنفية عدم حق البائع في الفسخ وذلك لإمكانية التقاضي للحصول على حقه ويعتبر في هذه الحالة دائن كغيره من الدائنين , وهذا إذا لم يشترط لنفسه خيار النقد , بأن يقول مثلا إن لم تدفع الثمن في موعد كذا فلا بيع بيننا , واختلف في مقتضى هذا الشرط , هل هو انفساخ البيع , أو استحقاقه الفسخ باعتباره فاسدا؟ والمرجح عند الحنفية أنه يفسد ولا يفسخ.
وللشافعية والحنفية تفصيل في حال ما إذا أخل المشتري بأداء الثمن الحال لا للفلس بل لغياب ماله غيبه قريبة في بلده , أو في أقل من مسافة القصر , فهم يقولون بالحجر على المشتري في المبيع وسائر أمواله حتى يسلم الثمن , خوفا من أن يتصرف في ماله تصرفا يضر بالبائع.
وكذلك الحال لو كان المال غائبا مسافة القصر فأكثر , فإنه يتم الحجر على المبيع ومال المشتري , ولا يكلف البائع بالصبر إلى إحضاره.
ويملك البائع الفسخ في الأصح عند الشافعية وهو وجه للحنابلة , وهذا فضلا عن حق البائع في حبس مبيعه حتى يقبض ثمنه.
أما الحنابلة فيرون أنه لا خيار للبائع في الفسخ فيما دون مسافة القصر لأنه بمنزلة الحاضر.
وقول آخر للشافعية كذلك ليس له الفسخ , بل يباع المبيع , ويؤدي حقه من الثمن كسائر الديون.