الدليل من القرآن
يقول تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة} (البقرة: ٢٨٣) يقول القرطبي لما ذكر الله تعالى الندب إلى الإشهاد والكتب لمصلحة حفظ الأموال عقب ذلك بذكر حال الأعذار المانعة من الكتب , وجعل لها الرهن , ونص من أحوال العذر على السفر الذي هو غالب الأعذار , ويدخل في ذلك بالمعنى كل عذر , فرب وقت يتعذر فيه الكاتب في الحضور كأوقات أشغال الناس وبالليل , وأيضا فالخوف على خراب ذمة الغريم عذر يوجب طلب الرهن.
والرهن باتفاق الفقهاء جائز في الحضر والسفر , خلافا لمجاهد والظاهرية ,
ولإطلاق مشروعيته في السنة , وذكر السفر في الآية خرج مخرج الغالب , لكون الكاتب في الماضي غير متوافر في السفر غالبا , ولا يشترط أيضا عدم وجود الكاتب , لثبوت جوازه في السنة مطلقا , فالآية أرادت إرشاد الناس إلى وثيقة ميسرة لهم عند فقدان كاتب يكتب لهم الدين.
الدليل من السنة
روي البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما ورهنه درعا من حديد.
وعن أنس قال: رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعا عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله.
رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجة.
وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي.
وروي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه , له غنمه وعليه غرمه (رواه الشافعي والدارقطني) , أي لا ينفك ملك الرهن عن صاحبه , ولا يستحق المرتهن , إذا لم يفتكه في الوقت المشروط.
وفي هذا رد على ما كان عليه العرب في الجاهلية من أن المرتهن كان يتملك الرهن إذا لم يؤد إليه ما يستحقه في الوقت المحدد , فأبطله الشارع.
والحكمة من تشريع الرهن توثيق الديون , فكما أن الكفالة توثق الدين شخصيا , يوثق الرهن الدين ماليا , تسهيلا للقروض.
والرهن يفيد الدائن بإعطائه حق الامتياز أو الأفضلية على سائر الدائنين الغرماء.
ودلت السنة على جواز الانتفاع بالمرهون في بعض الأحوال
روي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا , ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا , وعلى الذي يركب ويشرب النفقة وتجويز الانتفاع دليل على مشروعية الرهن.
الدليل من الإجماع
أجمع المسلمون على جواز الرهن
يقول القرطبي الرهن في السفر ثابت بنص التنزيل , وفي الحضر ثابت بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو القول الراجح ,
وكذلك إجماع العلماء على جوازه في الحضر ولأن علة اللجوء إلى الرهن في السفر قد توجد في الحضر أيضا والله تعالى أعلم.
ويقول ابن المنذر لا نعلم أحدا خالف في جواز الرهن في الحضر إلا مجاهدا قال: ليس الرهن إلا في السفر لأن الله تعالى شرط السفر في الرهن.