في هذه الحالة الراهن غير مالك للعارية , وإنما يرهن مستعارا مملوكا لغيره.
ويجوز بالاتفاق للإنسان أن يستعير مال غيره , ليرهنه بإذن مالكه في دين عليه , لأن مالكه متبرع حينئذ بإثبات اليد أو الحيازة عليه , والمالك حر التصرف بملكه , فله إثبات ملك العين واليد معا عن طريق الهبة مثلا.
كما له إثبات اليد فقط بالإعارة للرهن.
وفي حالة الإذن من المالك بالرهن , قال الحنفية للمستعير عند اطلاق المعير وعدم تقييده بشيء أن يرهن العارية عند من يشاء , وبأي دين أراد , وفي أي بلد أحب.
وهو مذهب الشافعية أيضا.
أما إذا قيده بقيود فإنه يتقيد بها , فإن خالف في شيء من هذه القيود , فهو ضامن لقيمته إذا هلك لأنه بهذه المخالفة يصير غاصبا , وكان الرهن باطلا , لأنه وقع على مال مغصوب.
وكذلك قال المالكية: إن خالف المستعير قيود المعير , فهلكت العارية أو سرقت أو نقصت , ضمن المستعير مطلقا لتعديه , ولو لم تتلف العارية , فللمعير ردها وتبطل الإعارة.
ويتقيد المستعير عند الشافعية والحنابلة بقيود المعير , إلا أنهم قالوا: إذا قيده بمقدار من الدين فرهنه بأقل منه , لم يكن مخالفا لأن الإذن بما زاد يعتبر إذنا بما نقص عنه , وليس في النقص ضرر لأن الرهن عندهم أمانة في يد المرتهن.
انتفاع المستعير بالعارية:
هذا ويعتبر مستعير العارية لرهنها وديعا قبل الرهن لا مستعيرا , لأنه غير مأذون له إلا بالرهن , فليس له أن ينتفع بالعارية , لا قبل رهنها ولا بعد فكاكها , فإن فعل ضمن لأنه لم يؤذن له إلا بانتفاع على وجه خاص وهو رهنها.
نوع ضمان هلاك العارية لرهنها:
إذا قبض المستعير العارية لرهنها فهلكت في يده قبل رهنها , أو هلكت في يده بعد فكاكها لم يضمنها , لأنها هلكت وهي مقبوضة قبض العارية لا قبض الرهن , وقبض العارية قبض أمانة لا قبض ضمان عند الحنفية.
وذلك بخلاف المالكية والشافعية والحنابلة في أظهر القولين عندهم , فإن العارية مضمونة مطلقا عند الحنابلة وفيما إذا كانت مما يغاب عليه (يمكن إخفاؤه) عند المالكية , وفي أثناء الاستعمال غير المأذون فيه عند الشافعية.
وإذا هلكت العارية عند المرتهن , فليس لمالكها عند الحنفية إلا ما كان مضمونا منها , وهو الأقل من قيمتها ومن الدين.
وإذا كان الدين هو الأقل , فلا يرجع المالك على المستعير بالزيادة , لأن العارية أمانة , وهي لا تضمن إلا بالتعدي.
وقال المالكية: يرجع المالك على المستعير بقيمة العارية يوم استعارها.
وقال الشافعية والحنابلة في أظهر القولين: إذا تلفت العارية لدى المرتهن من غير تعد , ضمن المستعير (الرهن) قيمتها يوم تلفها , لأن العارية مضمونة مطلقا عند الحنابلة , ومضمونة أحيانا عند المالكية والشافعية كما تقدم.
طلب المعير فكاك العارية من الرهن
إذا رهن المستعير العارية , كان لمالكها أن يطلب من الراهن فكاكها في أي وقت شاء عند الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة) لأن العارية عندهم عقد غير لازم , وللمستعير أن يستردها متى شاء , ولو كانت مقيدة بوقت.
فإن افتكها الراهن ردها إلى مالكها , وإن عجز عن فكاكها كان لمالكها أن يفتكها تخليصا لحقه , ويرجع بجميع ما أداه للمرتهن على المستعير.
وذهب المالكية في الراجح لديهم: إلى أن للمعير الرجوع في الإعارة لمطلقها متى أحب وليس له الرجوع في العارية المقيدة بالشرط أو العرف أو العادة.
الاستئجار للرهن
وإذا جاز استعارة عين لترهن , جاز كذلك استئجارها لترهن.
وإذا هلكت بلا تعد فلا ضمان , لأن المستأجر أمانة غير مضمونة في يد المستأجر اتفاقا , وليس للمؤجر فكها قبل انتهاء مدة الإجارة.