الرهن إما إن يقع على بعض الشيء أو على كله , وفي الحالتين يتعدد الرهن:
أ - فإن وقع الرهن على بعض الشيء , ثم رهن البعض الآخر طبقت أحكام رهن المشاع.
فيرى الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) المجيزون رهن المشاع: أنه إذا كان الرهن على جزء من عين على الشيوع بدين , جاز رهن الجزء الباقي منها شائعا بذلك الدين , أو بدين آخر , لنفس الدائن المرتهن الأول أو لغيره.
لكن إذا كان الرهن لشخص آخر غير المرتهن الأول , لزم رضا الثاني بيد المرتهن الأول , أو أن يحدث اتفاق جديد بين الثلاثة (الراهن والمرتهن الأول والثاني) على وضع الرهن تحت يد عدل.
ويرى الحنفية الذين لا يجيزون رهن المشاع أصلا: أنه لا يصح هذا الرهن , إلا إذا أفرزت العين أو قسمت , وسلمت غير مشغولة بغيرها.
ب - وأما رهن الشيء كله بدين , وأريد رهنه بدين آخر فلا يجوز الرهن الثاني عند الحنفية والشافعية والحنابلة لأن فيه مساسا بحق المرتهن الدائن , لأن مالية المرهون له , فلا يكون لغيره أن يتعلق حقه به.
لكن إذا أجاز المرتهن الأول الرهن الثاني نفذ , وبطل ارتهانه الشيء , وبطل ارتهانه أيضا إذا رهن الشيء وهو بدين عليه , بإذن مالكه , ويصير رهنا بدينه , ويكون حكمه حكم رهن الشيء المستعار للرهن.
أما إذا رهنه المرتهن الأول بدون إذن مالكه الراهن , كان رهنه غير صحيح , وكان للمالك إعادة الشيء إلى يد المرتهن الأول كما كان.
وذهب المالكية إلى أنه يجوز رهن العين المرهونة إذا كانت قيمتها تزيد على قيمة الدين , فيكون الراهن الجديد لتلك الزيادة , ويكون الدين الثاني المتعلق بالمرهون في المنزلة الثانية , فإذا بيعت العين في الدين يوفي الدين الأول , والباقي يوفى به الدين الثاني.
وبه نرى أن حق الدائن الأول لم يمس , فلا يتوقف نفاذ الرهن الثاني على أجازته.
وعليه يجوز تعدد الدائنين على مرهون واحد: أي أن يكون المرهون رهنا حيازيا ضامنا لأكثر من دين بمرتبة واحدة , بشرط أن يتم رهنه بعقد واحد , ويكون كله مرهونا عند كل من الدائنين مقابل دينه.
فقد جاء في المجلة (م٢٧٠) : (يجوز أن يأخذ الدائنان من المديون رهنا إن كانا مشتركين في الدين أولا , وهذا الرهن يكون مرهونا في مقابل مجموع الدينين) .
وجاء في شرح المجلة لهذه المادة أنه يشترط لتعدد الدائنين على رهن واحد شرطان:
الأول , وحدة العقد.
والثاني , ألا ينص على تبعيض الرهن , وإلا كان فاسدا.
ولا يتجزأ الرهن في هذه الحالة , فلو أوفى الراهن دين أحد الدائنين كاملا , فإنه لا يسترد شيئا من الرهن , ولو بقي جزء من دين الآخر.
ويجوز اتفاقا أن تتعدد الرهون في دين واحد , سواء وقعت الرهون في وقت واحد , أو في أوقات متعددة , زيادة في توثيق الدين.