اتفق الفقهاء على أن نفقة أو مؤنة الرهن على المالك الراهن لأن الشارع قد جعل الغنم والغرم للراهن لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه , له غنمه , وعليه غرمه أي لا يتملك وعلى الراهن مغارمه ونفقاته.
لكنهم اختلفوا على رأيين في نوع النفقة الواجبة على الراهن:
رأي الحنفية أن توزع النفقة على الراهن باعتباره مالك العين , وعلى المرتهن باعتباره مكلفا بحفظها على النحو التالي: كل ما يحتاج إليه من النفقات لمصلحة المرهون وتبقيته , فهو على الراهن لأنه ملكه.
وكل ما كان لحفظ المرهون , فهو على المرتهن لأن حبسه له فلزمه توابعه.
وبناء عليه: على الراهن طعام الحيوان وشرابه وأجرة الراعي , وعليه سقي الشجر ونفقة تلقيحه وجذاذه (قطعه) والقيام بمصالحه , وسقي الأرض وإصلاحها وكري أنهارها وانشاء مصارفها , وضريبة خراجها وعشر حاصلاتها , لأن كل ما ذكر من مؤونة (ما به بقاؤه) المال المملوك , ومؤونة المملوك على مالكه.
وعلى المرتهن أجرة الحفظ للحارس أو المحل الذي يحفظ فيه المرهون (أجرة التخزين) مثل أجر حظيرة الحيوان , وأجرة المخزن المحفوظ فيه , لأن الأجرة مؤنة الحفظ , وهي عليه.
وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) : جميع نفقات أو مؤونات الرهن على الراهن , سواء منها ما كان لبقاء عينه , أو بقصد حفظه وعلاجه , للحديث السابق: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه , له غنمه , وعليه غرمه وكل إنفاق من غرمه , ولأن نفقة المملوك على مالكه.
فإن لم ينفق ما الحكم؟
قال المالكية: إن لم ينفق الراهن , واحتاج الرهن إلى نفقة كعلف حيوان وإصلاح عقار , أنفق المرتهن , ويرجع بجميع ما أنفق على الراهن , وإن زاد على قيمة الرهن , وتكون النفقة دينا في ذمة الراهن , لا بمالية الرهن أو عينه , سواء انفق بإذن منه أم يغير إذن , لأنه قام بواجب على الرهن.
وقال الشافعية: يجبر القاضي الراهن على النفقة على المرهون , إذا كان حاضرا موسرا , فإن تعذر الجبر بسبب إعساره أو غيبته , ففي حال الغيبة يمونه القاضي من مال الراهن إن كان له مال.
وفي حال الإعسار يقترض القاضي أو يبيع جزءا من الرهن لإبقائه , أو يأمر المرتهن بالإنفاق عليه , على أن يكون دينا في ذمة الراهن.
وإذا أنفق , رجع على الراهن إن كان الإنفاق بإذن القاضي , أو أشهد عند الإنفاق , وعند غيبة الراهن: أشهد أنه إنما أنفق ليرجع.
وذهب الحنابلة: إلى أنه إن أنفق المرتهن بدون إذن الراهن , مع قدرته على استئذانه , كان متبرعا لا حق له في الرجوع بما أنفق.
فإن عجز عن استئذانه لغيبة أو نحوها , وأنفق يرجع بأقل المبلغين: نفقة المثل , وما أنفقه فعلا , بشرط أن ينوي الرجوع بالنفقة , ولا يشترط استئذان القاضي , ولا الإشهاد على النفقة.