للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتفق الفقهاء على أنه يشترط في صحة عقد الصرف تقابض البدلين من الجانبين في المجلس قبل التفرق. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد.

واستدلوا على ذلك بالسنة وقول الصحابة والمعقول.

دليل شرط التقابض من السنة

فما روى عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء أخرجه البخاري ومسلم.

وما روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل , ولا تشفوا بعضها على بعض , ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل , ولا تشفوا بعضها على بعض , ولا تبيعوا منها غائبا بناجز رواه البيهقي ومالك.

وما روى عبادة بن الصامت عنه صلى الله عليه وسلم قال: الذهب بالذهب والفضة بالفضة.. إلى أن قال: مثلا بمثل , سواء بسواء , يدا بيد. فإن اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد رواه مسلم وأصحاب السنن.

وما روى روى البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذهب بالورق دينا أخرجه النسائي والدارقطني.

فقد دلت هذه النصوص على اشتراط تقابض البدلين قبل الافتراق.

دليل شرط التقابض من قول الصحابة

فما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل , ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تبيعوا الذهب بالورق أحدهما غائب والآخر ناجز , وإن استنظرك حتى يلج بيته فلا تنظره , إني أخاف عليكم الربا. أخرجه مالك والبيهقي.

وما روى عن ابن عباس أنه سئل عن الصرف , فقال: أيدا بيد؟ قيل: نعم. قال: فلا بأس به رواه مسلم.

دليل شرط التقابض من المعقول

فهو أنه لا بد من قبض أحد البدلين قبل الافتراق , كيلا يكون افتراقا عن دين بدين , وهو منهي عنه. ولا بد من قبض الآخر لعدم أولوية أحد العوضين في القبض - حيث استويا في الثمنية - تحقيقا للمساواة بينهما , لأن المنقود خير من النسيئة , فيتحقق الفضل في أحد العوضين - إن لم يقبض الآخر - وهو ربا , فوجب قبضهما.

المراد بالتفريق

والمراد بالتفرق في هذا المقام هو افتراق العاقدين بأبدانهما. فلو قاما عن المجلس مصطحبين ومشيا قليلا أو كثيرا , فليسا بمفترقين. وعلى ذلك نص جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة , ولا يضر طول لبثهما في المجلس ولا طول مصاحبتهما إذا وقع التقابض قبل التفرق بالأبدان.

وخالفهم المالكية في عدم اشتراط الفورية وقالوا: يشترط التقابض فور العقد , فإذا تأخر التقابض بطل الصرف إن كان التأخير طويلا , ويجوز مع الكراهة إن كان التأخير يسيرا.

التوكيل في الصرف

لا خلاف بين الفقهاء في أنه لو وكل أحدهما وكيلا في القبض , فقبض الوكيل قبل تفرقهما صح الصرف , وإن تفرقا قبل قبض الوكيل بطل , لأن التقابض قبل الافتراق شرط وقد فات , إذ القبض من حقوق العقد , وهي تتعلق بالعاقدين , فمن أجل ذلك اعتبر افتراقهما.

ولو تقابضا البعض ثم افترقا صح الصرف في المقبوض لوجود شرطه وبطل فيما لم يقبض لفواته.

<<  <  ج: ص:  >  >>