اتفق الفقهاء على أنه إذا حل أجل السلم المتفق عليه في العقد وجب على المسلم إليه إيفاء الدين المسلم فيه فإن جاء به وفق الصفات المشروطة المبينة في العقد وجب على المسلم قبوله لأنه أتاه بحقه في محله , فلزمه قبوله , كالبيع المعين وسواء كان عليه في قبضه ضرر أو لم يكن فإن أبي قيل له إما أن تقبض حقك وإما أن تبرئ منه. فإن امتنع قبضه الحاكم من المسلم إليه للمسلم , وبرئت ذمته منه , لأن الحاكم يقوم مقام الممتنع بولايته.
أما قبل حلول الأجل فلا يخفي أنه ليس للمسلم مطالبة المسلم إليه بالدين المسلم فيه.
ولكن إذا أتى به المسلم إليه قبل الأجل , وامتنع المسلم من قبوله , فهل يجبر على أخذه أم لا؟ اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
فقال المالكية: إذا دفع المسلم فيه قبل الأجل , جاز قبوله , ولم يلزم. وألزم المتأخرون قبوله في اليوم واليومين.
وقال الشافعية والحنابلة: إذا أتى به المسلم إليه قبل محله , فينظر فيه: فإن كان مما في قبضه قبل محله ضرر على المسلم إما لكونه مما يتغير , كالفاكهة والأطعمة كلها , أو كان قديمه دون حديثة , كالحبوب ونحوها , لم يلزم المسلم قبوله لأن له غرضا في تأخيره , بأن يحتاج إلى أكله أو إطعامه في ذلك الوقت. وكذلك الحيوان لأنه لا يأمن تلفه , ويحتاج إلى الإنفاق عليه إلى ذلك الوقت وربما يحتاج إليه في ذلك الوقت دون ما قبله. وكذا إن كان مما يحتاج في حفظه إلى مؤونة كالقطن ونحوه , أو كان الوقت مخوفا يخشي نهب ما يقبضه , فلا يلزمه الأخذ في هذه الأحوال كلها , لأن عليه ضررا في قبضه , ولم يأت محل استحقاقه له , فجرى مجرى نقص صفة فيه.
وإن كان مما لا ضرر عليه في قبضه , بأن يكون مما لا يتغير , كالحديد والرصاص والنحاس , فإنه يستوي قديمه وحديثه , ونحو ذلك الزيت والعسل , ولا في قبضه ضرر لخوف ولا تحمل مؤنة , فعليه قبضه , لأنه غرضه حاصل مع زيادة تعجيل المنفعة , فجرى مجرى زيادة الصفة وتعجيل الدين المعجل.