للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجارة كالبيع عقد مباح مشروع للحاجة , وحكمة مشروعيتها عظيمة , لأن فيها تبادل المنافع بين الناس بعضهم مع بعض , لأن العمل الذي يقوم به الفرد الواحد , غير العمل الذي يقوم به الاثنان أو الثلاثة مثلا.

وإذا كانت الإجارة إجارة عين , كهذه السيارة , يشترط أن يذكر في عقد الإجارة قدرها ووصفها. . . . إلى آخر الشروط التي ستذكر. والحكمة في ذلك منعا للخصام والنزاع.

كما أنه لا يجوز استئجار عين لمنفعة مجهولة , تقدر بمقتضى الظن والرجم بالغيب , إذ ربما طرأ طارئ يعطل هذه العين عن الفائدة.

وهكذا يكون الأصل في الإجارة الإباحة إلا إذا كان فيها إنقاذ نفس من الهلاك , أو كانت هناك ضرورة لبذل المنافع , حفاظا على النفس الإنسانية في وقت الأزمات والحروب , والتشرد والضياع , أو إيواء غريب , فتصبح واجبة , بل يجب في هذه الأحوال بذلها مجانا كما صرح بعض الحنابلة كابن تيمية وابن القيم.

قال ابن القيم في (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية)

فإذا قدر أن قوما اضطروا إلى السكنى في بيت إنسان , لا يجدون سواه , أو النزول في خان مملوك , أو استعارة ثياب يستدفئون بها , أو رحى للطحن , أو دلو لنزع الماء , أو قدر , أو فأس , أو غير ذلك:

وجب على صاحبه بذله بلا نزاع.

لكن هل له أن يأخذ عليه أجرا؟ فيه قولان للعلماء , وهما وجهان لأصحاب أحمد.

ومن جوز له أخذ الأجرة , حرم عليه أن يطلب زيادة على أجر المثل. قال شيخنا (أي ابن تيمية) :

والصحيح أنه يجب عليه بذلك ذلك مجانا كما دل عليه الكتاب والسنة: قال تعالى: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون} قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما من الصحابة: (هو إعارة القدر والدلو والفأس) .

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم - وذكر الخيل - قال: هي لرجل أجر , ولرجل ستر , وعلى رجل وزر. فأما الذي هي له أجر: فرجل ربطها في سبيل الله. وأما الذي هي له ستر: فرجل ربطها تغنيا وتعففا , ولم ينس حق الله في رقابها , ولا في ظهورها.

وفي الصحيحين عنه أيضا: من حق الإبل: إعارة دلوها , واطراق فحلها.

وفي الصحيحين عنه: أنه نهى عن عسب الفحل أي عن أخذ الأجرة عليه , والناس يحتاجون إليه فأوجب بذله مجانا , ومنع من أخذ الأجرة عليه.

وفي الصحيحين عنه أنه قال: لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره.

<<  <  ج: ص:  >  >>