والمعاهدة على التعاضد والتساعد والإنفاق، فما كان منه في الجاهلية على القتال والغارات فذلك الذي نهى عنه بقوله لا حلف في الإسلام، وما كان منه على نصر المظلوم وصلة الأرحام فذلك الذي قال فيه، وأي حلف في الجاهلية الخ ... يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق انتهى.
(ومدة اللبث بها في العدة ... عشر سنين يا لها من مدة)
قوله ومدة مبتدأ خبره قوله عشر، والليث بفتح اللام، ويضم ويحرك المكث لبث كسمع، قاله في القاموس، وقوله يا لها تعجب، أي يا قوم أعجبوا تلك المدة من مدة، يعني أن المدة التي أقام صلى الله عليه وسلم بها، أي المدينة المشرفة، عشر سنين، وهذا عليه اتفاق العلماء، وفي الشمائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مكث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، وبالمدينة عشرًا، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين، قال البيجوري في شرحه قوله مكث بفتح الكاف وضمها أي لبث بعد البعثة، وقوله ثلاث عشرة سنة يوحى إليه أي باعتبار مجموعها؛ لأن مدة فترة الوحي ثلاث سنين من جملتها وهذا هو الأصح الموافق لما رواه أكثر الرواة، وروي عشر سنين، وهو محمول على ما عدى مدة فترة الوحي، وروي أيضًا خمس عشرة سنة في سبعة منها، يرى نورًا ويسمع صوتًا ولم ير ملكًا، وفي ثمانية منها يوحى إليه، وهذه الرواية مخالفة للأولى من وجهين الأول في مدة الإقامة بمكة بعد البعثة، ويمكن الجمع بحمل هذه الرواية على حساب سنة البعثة، وسنة الهجرة، والثاني في زمن الوحي، ويمكن الجمع بأن المراد بالوحي إليه في ثلاث عشرة أعم من كون الملك مرئيًا أو لا، وفي الثمانية خصوص الوحي مع رؤيته فلا تدافع، وقوله بالمدينة عشرًا، أي عشر سنين باتفاق، فإنهم اتفقوا على أنه صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين، كما اتفقوا على أنه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة قبل البعثة أربعين، وإنما اختلفوا في قدر إقامته بمكة بعد البعثة، والصحيح أنه ثلاث عشرة سنة، فيكون عمره الشريف ثلاثًا وستين انتهى.
وفي الشمائل أيضًا عن معاوية رضي الله عنه قال: مات رسول الله