(وكم من الغيوب قد نبأتا ... بها فلم تعد الذي ذكرتا)
الغيوب جمع غيب وهو ما غاب عنا، ونبأ معناه أخبر، وتعد بفتح الفوقية وسكون المهملة وضم الدال مضارع عداه يعدوه إذا جاوزه جزم بحذف آخره، وكم للتكثير وهي مبتدأ وخبره نبأتا والخطاب للنبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، والضمير المجرور عائد على الغيوب أي وكثير من الأمور المغيبة عنا أخبرتنا بها قد أطلعك الله تعالى عليها فلم تتجاوز الوصف الذي ذكرته لأنك لا تخبر إلا بما أوحاه الله إليك فلا يكون خبرك إلا مطابقاً لما في نفس الأمر. قال تعالى:{إن هو إلا وحي يوحى}.
ولنا في هذا المعنى في عد بعض المعجزات:
(وكم من المغيبات ذكرا ... فبعضها مضى وبعض سيرى)
وإخباره عليه السلام بالغيوب بحر لا يدرك قعره، ولا ينزف غمره وقد مر في وجوه إعجاز القرآن كثير من أخباره عن الأمم الماضية والعصور الخالية ومما أخبر به عليه السلام مما سيأتي أشراط الساعة كالدجال وعيسى وخروج يأجوج ومأجوج، والدابة وطلوع الشمس من مغربها ومعها القمر، وخروج النار من قعرة عدن ترحل الناس إلى محشرهم تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا والنفخ في الصور عند فناء الخلق، والنفخ فيه عند بعثهم، وباليوم الآخر وما فيه من حشر ونشر وصراط وحوض وميزان وجنة ونار وغير ذلك. وأخبر بخروج المهدي وهو بفتح الميم وشد الياء كما قاله ابن سلطان وهو من ولد فاطمة، يملأ الأرض عدلاً كما ملأت جورا ويملك سبع سنين أو أكثر واسمه محمد بن عبد الله، ويبايع بين الركن والمقام وتنصره عدة أهل بدر رهبان بالليل وأسود بالنهار، ويصلي عيسى خلفه ويساعده على قتل الدجال بباب لد وقبله علامات يخسف القمر في رمضان أول ليلة منه أو ثالثه، وتخسف الشمس في نصفه وهاتان العلامتان لم تكونا منذ خلقت الدنيا، وتظهر النار في السماء جهة المشرق ثلاث ليال قبل خروجه وقبله صوت في نصف رمضان يوقظ النائم ويفزع اليقظان