للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رحمة للعالمين إنني ... بك استعنت للذي أهمني

قوله يا رحمة بالنصب لأنه شبيه بالمضاف واستغاث به، طلب بجاهه، أن يغاث وأهمني معناه أحزنني، وقوله رحمة للعالمين من أسمائه، صلى الله تعالى عليه وسلم، ذكره غير واحد وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} قال الزرقاني في شرح المواهب فهو رحمة لجميع الخلق المؤمن بالهداية والمنافق بالأمن من القتل والكافر بتأخير العذاب عنه، انتهى. ونحوه للمناوي وزاد ولجميع الحيوانات لأن بوجهه يستسقى الغمام وبدعائه ينزل قطر السماء فينبت النبات وبكون لها سقيًا ورعيًا، وروى أن المصطفى قال لجبريل هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال نعم. كنت خائفًا فأمنت.

ويا رؤوفا ورحيما أنت من ... نفسي أولى بي فخذها وارتهن

هذان اسمان من أسمائه، صلى الله تعالى عليه وسلم، ومعنى البيت يا رسول الله أنت أولى بي من نفسي أي أحق بي منها فخذها وارتهنها أي خذها رهنًا عندك يقال ارتهن إذا أخذ رهنًا، وقوله أنت أولى بي من نفسي قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. ومعنى الرؤوف شديد الرحمة وبليغها والرحمة رقة القلب وهو، صلى الله تعالى عليه وسلم، أرحم الخلق، وأعطفهم وأشفقهم وأرقهم قلبًا قال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}. قال أبو عبيدة الرأفة أرق من الرحمة إذ هي رقة القلب والرأفة أشد الرحمة وأبلغها انتهى. وقيل معنى الآية رؤوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين يستغفر لهم ويتجاوز عن سيئاتهم إلا في الحدود، ومع إقامتها عليهم يمنع من آذاهم ثم هو في قبره عليه الصلاة والسلام تعرض عليه أعمال أمته فيستغفر لهم ثم هو يوم القيامة همه أمته فيشفع لهم حتى لا يبقى منهم أحد في النار وهذان الاسمان مما سماه الله تعالى به من أسمائه الحسنى لكنها بهذا المعنى من المحال عليه فتؤول باللازم وهو إرادة الخير لأهله وإعطاء ما لا

<<  <  ج: ص:  >  >>