فعاهم إلى الإسلام فاهتدى به خلق كثير وأنزل تعالى على ما ذكره الواقدي وابن سعد وغيرهما:{يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم}(الآية)، ثم رجع صلى الله تعالى عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيداً وكانت غيبته إحدى عشرة ليلة، وقيل خمس عشرة وقال قتادة ومجاهد وغيرهما نزلت في بني النضير لما ذهب إليهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فهموا أن يطرحوا عليه صخرة يقتلونه بها، فأخبره جبريل فقام من ذلك المكان ورجع إلى المدينة.
وقيل قصة السيف، ونزول الآية كانا في غزوة ذات الرقاع وقال بعضهم الصواب أنهما قصتان في غزوتين، وقد مرّ الخلاف في اسم الرجل هل دعثور أو غورث أو هما اثنان والله تعالى أعلم.
ثم بعد ما مرّ "غزوة بحران" بضم الموحدة وفتحها وسكون المهملة، فراء فألف فنون، موضع من ناحية الفرع بفتحتين كما قيده السهيلي وتسمى غزوة بني سليم قاله في المواهب، وقال الزرقاني عن البرهان الذي في الروض أنه بضمتين من ناحية المدينة، ويقال هي أول قرية مارت إسماعيل وأمه التمر بمكة وسببها أنه عليه الصلاة والسلام بلغه أن جمعاً من سليم ببحران وخرج لست خلون من جمادى الأولى في ثلاث مائة رجل واستعمل عبد الله بن أم مكتوم على المدينة حتى إذا كان دون بحران بليلة، لقي رجلاً من بني سليم فأخبره أن القوم افترقوا فحبسه مع رجل وسار حتى ورد بحران فوجدهم قد تفرقوا فرجع ولم يجد أحداً، ولم يلق كيداً، وكانت غيبته عشر ليال، ولابن إسحاق أن خروجه صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة كان إلى قريش، فسار حتى بلغ بحران، معدنا بالحجاز، من ناحية الفرع، فأقام به شهر ربيع الآخر، وجمادى الأولى ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً، وللشيخ البدوي:
(وبعدها غزوة بحران إلي ... أم القرى أو لسليم الجهلا)