لأمره. فأسرع إلى ابنا فقدم عينا له فأخبره أنهم غارون ولا جموع لهم فسار إليهم فشن عليهم الغارة فقتل من أشرق له سبي من قدر عليه وحرق منازلهم ونخلهم وحرثهم وأجال الخيل في عرصاتهم وكان أسامة على فرس أبيه سبحة بفتح المهملة وسكون الموحدة وقتل قاتل أبيه ثم أسرع السير فورد وادي القرى في تسع ليال ثم قصد في السير حتى أتى المدينة ولم يصب أحد من الصحابة وخرج أبو بكر وأهل المدينة يتلقونه سرورا بسلامتهم. وللحفاظ العراقي:
(آخر من بعثه أسامة ... لأهل أبنى لم يرم مقامه)
(حتى قضى النبي قبل سفره ... رد أسامة بجمع عسكره)
(بعثه الصديق حتى أزهقا ... قاتل أبيه وسبى وحرقا)
(واختلفوا في عدها فالأكثر ... عند قدر ما عددت منها قصر)
(ولابن نضر عالم جليل ... بل فوق سبعين وفي الإكليل)
أن البعوث عدها فوق المائة ... ولم أجد ذا لسواه ابتدأه)
ولم يرم بكسر الراء أي لم يبرح من مقامه بالجرف, وأزهق بالزاء قتل, وقصروا بشد الصاد لم يزيدوا بل نقصوا؛ فقد حكي النووي الاتفاق على أن السرايا ست وخمسون والإكليل للحاكم, قوله ابتدأه أي بل ابتدأه بالهمز قبل الهاء, وحمله بعضهم على أنه أراد بضم المغازي إليها وعليه فلا غرابة ولا استبعاد- انظر المناوي. وفي المواهب فجميع سراياه وبعوثه نحو ستين ومغازيه سبع وعشرون, وفي الفتح أن السرايا تقرب من سبعين, انتهى والله أعلم. وهنا انتهي الكلام على ما شاء الله أن أتكلم عليه من بعوثه عليه الصلاة والسلام وذكرته في شرح قول الناظم:
(وضعفها البعوث دون مين)
وها أنا أشرع إن شاء الله تعالى في شرح ما بعده وهو قوله:
(وقيل في النضير مع واد القرى ... قاتل والغابة أيضا ذكرا)
المجرور متعلق بقوله بعده قاتل ومع بسكون العين وهو قليل والغابة