الناس بالقول والفعل والبذل وحسن الأدب، والمعاشرة مع الأقارب والأجانب والتساهل في جميع الأمور وترك التهاجر والتقاطع واحتمال الأذى من الأدنى والأعلى مع طلاقة الوجه وإدامة البشر، ولقد كان جميع ذلك في رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، ولهذا وصفه الله تعالى بقوله: } وإنك لعلى خلق عظيم {. وقال الحسن هو آداب القرآن. قالت عائشة كان خلقه القرآن، انتهى المراد منه. نقله الوالد حفظه الله تعالى في الريان. وقال المناوي ولما اجتمع فيه، صلى الله تعالى عليه وسلم من خصال الكمال ونعوت الجلال ما لا يحصى أثنى الله تعالى عليه في كتابه الكريم بقوله: } وإنك لعلى خلق عظيم {، وأتى بعلي المشعرة بأنه استعلى على معالي الأخلاق واستولى عليها ووصف بالعظيم دون الكريم لأن الكريم يراد به السماحة واللين وخلقه غير مقصور عليه فعنده غاية الرحمة للمؤمنين وغاية الغلظ على غيرهم فاعتدل فيه الأنعام والانتقام ولم يكن همه سوى الله تعالى ولهذا قالت عائشة، رضي الله تعالى عنها، كان خلقه القرآن. أي ما دل عليه القرآن من أوامره ونواهيه وغير ذلك. وإليه أشار الناظم يعني العراقي بقوله:
أكرم به خلقه القرآن ... فهو لدى غضبه غضبان
يرضى بما يرضى إلخ ..
وضمير فهو للنبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، ولدى بمعنى عند، أي فهو، صلى الله تعالى عليه وسلم، غضبان عند غضب القرآن أي عند كل ما جاء فيه غضب الله تعالى على أحد من الكفار ويرضى بما يرضاه القرآن ويتأدب بآدابه بكل ما أثنى عليه القرآن ودعا إليه تحلى به وكلما استهجنه ونهى عنه تجنبه وتخلى عنه.
وأعلم أن كمال الخلق إنما ينشأ عن كمال العقل والحق أن أصل حسن الخلق غريزي وتمامه مكتسب، انتهى المراد منه.
(صلى عليه ربنا وسلما ... والآل والأصحاب أنجم السما)