وكان يضرب بعينيه المثل من حدة الإبصار ويبصر كما يبصر العقاب وفي رواية البيهقي فما رمدتا حتى مضى، والطبراني عن علي فما رمدت ولا صدعت منذ دفع المصطفى إلى الراية يوم خيبر، وسقطت عين قتادة بن النعمان يوم أحد وقيل يوم بدر وقيل الخندق فردها المصطفى بيده فكانت أصح عينيه، فكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى وقيل أصيبت عيناه معاً فسقطتا على وجنتيه فأتى بهما النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، فأعادهما مكانهما وبصق فيهما فعادتا تبرقان، قاله الدارقطني غريب تفرد به عمار بن نضر بن مالك وهو ثقة. وأما إذهابه العمه وهو الضلال فمن المعلوم أنه لم تصل نعمة من نعم الله تعالى إلى مخلوق من هداية وغيرها إلا وهو، صلى الله تعالى عليه وسلم، أصلها ومصدرها، ومادتها.
(ما أرسل أو يرسل ... من رحمة تصعد أو تنزل)
(في ملكوت الله أو ملكه ... من كل ما يختص أو يشمل)
(إلا وطه المصطفى عبده ... نبيه مختاره المرسل)
(واسطة فيها واصل لها ... يعلم هذا كل من يعقل)
وكان عليه السلام كثيراً ما يأتيه الكافر يريد قتله فإذا دنا منه أو مسه أذهب الله تعالى عنه ما كان في قلبه، وألقى الإيمان في قلبه ببركته، صلى الله تعالى عليه وسلم، وتأمل ما وقع لفضالة بفتح الفاء بن عمير يوم الفتح حين هم أن يقتل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت، فلما دنا منه قال أفضالة؟ قال نعم يا رسول الله. قال ماذا كنت تحدث به نفسك؟ قال لا شيء. كنت أذكر الله. فضحك عليه السلام ثم قال استغفر الله ثم وضع يده المباركة على صدره. فكان فضالة يقول والله ما رفع يده عن صدري حتى ما خلق الله تعالى شيئاً أحب إلي منه، وقد مر هذا.
وتأمل ما وقع لأبي محذورة حين سمعه المصطفى يحكي الأذان متلاعباً به في فتية من قريش، فناداه، فلما قام بين يديه عليه السلام ألقى الله