الحمد الوصف بكل كمال، والخطاب في أعطاكا للمصطفى، صلى الله تعالى عليه وسلم، أي الوصف بما لا يحاط به من الكمالات ثابت لله الذي أعطاك يا رسول الله من الفضائل مالم يعطه لمخلوق غيرك لا من الأنبياء ولا من الملائكة وأخرى غيرهم، وتفضيله صلى الله تعالى عليه وسلم على جميع المخلوقات قد تقدم أنه مما يجب اعتقاده كما نص عليه الزركشي ونقله الأيسي في شرح الهمزية عن العلامة البلقيني وقال الإمام السنوسي في شرح الجزائري يكاد ذلك أن يكون مما علم من الدين ضرورة انتهى.
وفي المواهب في ذكر خصائصه، صلى الله تعالى عليه وسلم، ما نصه: ومنها أن آدم وجميع المخلوقات خلقوا لأجله وقال الزرقاني بعده ما نصه: رواه البيهقي وغيره كشيخه الحاكم وصححه عن ابن عباس أوحى الله إلى عيسى أن آمن بمحمد وامر أمتك أن يأمنوا به، فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار الحديث وهو لا يقال رأياً فحكمه الرفع، وروى ابن عساكر لقد خلقت الدنيا وأهلها أعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي ولولاك ما خلقت الدنيا. ولما ذكر الناظم ما وفقه الله تعالى لذكره من سيرته ذكر اتمام الله تعالى نعمته عليه بوفاته ونقلته إلى حضرة القدس وهي الجنة دار كرامة أوليائه فقال:
(ذكر وفاته صلاة ربه ... عليه ثم ءاله وصحبه)
قوله ذكر خبر مبتدأ محذوف أي هذا ذكر وفاته أي موته صلى الله تعالى عليه وسلم وهي المصيبة العظمى التي لم يصب الأولون والآخرون بمثلها ولن يصابوا بمثلها أبداً ولذا قال عليه الصلاة والسلام لتعز الناس في مصيبتهم المصيبة بي، قال في المواهب وهذا الفصل مضمونه يسكب المدامع من الأجفان ويجلب الفجائع لإثارة الأحزان ويلهب نيران الموجدة على أكباد ذوي الإيمان، انتهى.
اللهم اجعل نبينا لنا فرطاً وأجرا واجعله لنا سلفاً وذخراً واجعل حوضه لنا موعداً لأولنا وآخرنا ولا تحل بيننا وبينه يوم القيامة بمنك يا أرحم الراحمين، اللهم شفعه فينا بجاهه عندك، اللهم أجرنا في المصيبة به