وفي المواهب وشرحها بعثه الله رحمة لأمته ورحمة للعالمين فرحم الله به الخلق مؤمنهم بالهداية وكافرهم بالأمن من الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال والمنافقين بالأمن من القتل وتأخير عذابهم وقد كان حظ آدم من رحمته سجود الملائكة له تعظيمًا له إذ كان في صلبه، وقبول توبته إذ توسل به وحظ نوح خروجه من السفينة سالمًا إذ كان في صلب ابنه سام، وحظ إبراهيم أن كانت النار عليه بردًا وسلامًا إذ كان في صلبه كما أفاده العباس بقوله:
وردت نار الخليل مكتتما ... في صلبه أنت كيف يحترق
فرحمته عليه السلام لا تخص وجوده بل عمت من قبله ومن رحمته ما ألقى الله له من دعوة الشفاعة التي ادخرها لأمته وجعل أمته أمة مرحومة وأمرها بالتراحم وأثنى عليه فقال إن الله يحب من عباده الرحماء، وقال الراحمون يرحمهم الله. وأما المقفي فقال الزرقاني هو بضم الميم وفتح القاف وكسر الفاء المشددة ورد في الحديث عند أحمد وغيره برجال ثقاة، انتهى. وذكره في الشفا. قال ابن سلطان بكسر الفاء المشددة أي الذاهب المولي فمعناه آخر الأنبياء والمتبع لهم كالمقفي فكل شيء يتبع شيئًا فقد قفاه انتهى. وقال المناوي بكسر الفاء المشددة بصيغة اسم الفاعل أي التابع للأنبياء وقافية كل شيء آخره وكل من تبع شيئًا فقد قفاه قال تعالى:{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا} والمفعول أي جعله الأنبياء عقبهم وسبقوه بالزمان انتهى. فقد زاد على الأولين أن فيه صيغة المفعول والله تعالى أعلم. ومعنى البيت أن الناظم توسل إلى الله تعالى باثنين من أسمائه، صلى الله تعالى عليه وسلم، وهما نبي الرحمة والمقفي بكسر الفاء أن يخلق له القدرة على الطاعة رجاء أن يوفي أي يتمم ما أمره الله تعالى به. وقال ابن سلطان بعد قول الشفا في موضع قبل ما نقلت عنه آنفًا في تفسير وأنا المقفي قفيت النبيئين ما نصه أي جئت بعدهم واتبعت هديهم أو أريد به المولي الذاهب والمعنى أنه أراد آخر النبيئين فإذا ذهب فلا نبي بعده. وأما قول الداجي