صريخ القوم فجاء ما لا قبل لنا به ومضينا بالنعم ومررنا بابن البرصاء وصاحبه فاحتملناهما معنا وأدركنا القوم حتى قربوا منا فما بيننا وبينهم إلا وادى قديد فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى من غير سحابة نراها ولا مطر، فجاء بشيء ليس لأحد به قوة ولا يقدر أحد أن يجاوزه، فوقفوا ينظرون إلينا وأنا نسوق نعمهم ما يستطيع رجل منهم أن يجيز إلينا ونحن نحدوها سراعا حتى قتناهم وابن البرصائ هو الحارث بن ملك وهي أمه صحابي له حديث واحد وهو قوله سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الفتح لا تغزي مكة بعد اليوم إلى يوم القيامة، قال ابن إسحاق وقال راجز من المسلمين يحدوها:
(أبي أبو القاسم أن تعرب ... في خضل بناته مغلولب)
صفر أعاليه كلون الذهب
انتهى من الزرقاني.
يقال تعرب إذا سكن البادية، وأغلولب النبت بالغين المعجمة إذا تكاثف، وصفر أعاليه أي نوره أصفر والله أعلم.
وفي هذا الشهر وهو صفر سنة ثمان قدم خالد بن الوليد سيف الله الذي سله على الكفار وعثمان الحجبي بن أبي طلحة بن عبد العزي بن عثمان بن عبد الدار وعمرو بن العاصي بن وائل بن هاشم بن سعيد مصغراً بن سهم المدينة فأسلموا وذكر ابن إسحاق أن عمرو بن العاصي أسلم على يد النجاشي قال الزرقاني وفيه إسلام صحابي على يد تابعي ولا يعرف مثله والله تعالى أعلم:
وللعراقي في «الدرة السنية»:
(فبعث غالب إلى الكديد ... إلى بنى الملوح الرقود)
(شن عليهم غارة فاستاقا ... نعمهم وأدركوا لحاقا)
(به فجاء الله بالسيل فما ... قدرهم أن يستردوا النعما)
والرقود النيام في بيوتهم، حشو كمل به الوزن، وشن فرق، والغارة