ثم بعد غزوة بني سليم على ما في المواهب، "غزوة بني قينقاع" بتثليث النون والضم أشهركما قاله القسطلاني وهم بطن من اليهود، رهط عبد الله بن سلام، رضي الله عنه، قيل كانوا أشجع اليهود وأكثرهم مالاً وأشدهم بغياً، وكانت طوائف اليهود الثلاثة قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع صالحهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن لا يحاربوه وأن لا يألبوا عليه وقيل أن لا ينصروه ممن دهمهم من عدوه فنقض الثلاثة العهد، فأمكن الله منهم رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم فقتل قريظة وأجلى الآخرين. وأول من نقض منهم بنو قينقاع ثم النضير ثم قريظة، ولما أصاب المسلمون قريشاً يوم بدر جمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يهود في سوق بني قينقاع، فقال يا معشر يهود احذروا من الله تعالى مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا فقد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتبكم، وعهد الله إليكم، فقالوا يا محمد إنك تري أنا مثل قومك لا يغرك أنك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة، والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس. قال ابن عباس ما أنزل هؤلاء الآية إلا فيهم {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم} إلى قوله تعالى: {إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار}.
وكان من أمر فينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع فجلست إلى صائغ يهودي، قال البرهان والظاهر أنه من قينقاع، فراودها عن كشف قناعها، فأبت فعمد الصائغ بفتح الميم وتكسر إلى طرف ثوبها من ورائها فعقده إلى ورائها وخله بشوكة فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا منها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون ووقع الشر بين المسلمين وبني قينقاع، فسار إليهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في نصف شوال بعد أن استخلف على المدينة أبا لبابة بشير بفتح الموحدة أو