"ثم غزوة السويق" فالسويق قمح أو شعير يغلى ثم يطحن، فيتزود به ملتوتاً بماء أو سمن أو عسل، أو وحده بالسين، قال ابن دريد وبنو العنبر يقولونه بالصاد، وكانت في ذي الحجة، بفتح الحاء وكسرها لخمس خلون على رأس اثنين وعشرين شهراً من الهجرة، كما لابن سعد، وقال ابن اسحاق في صفر، وعن ابن اسحاق أيضاً إنما كان خروجه في ذي الحجة، وذكر بعضهم أنها في سنة ثلاث وعليه فيصح كونها في صفر وسميت بذلك لأنه كان أكثر زاد المشركين، فكانوا يلقونه للتخفيف، وغنمه المسلمون واستخلف أبا لبابة على المدينة وسببها أن أبا سفيان بن حرب لما رجع بالعير من بدر إلى قريش ورجع فل قريش بفتح الفاء وشد اللام أي منهزموهم نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة أي لا يمس النساء وأن لا يمس الطيب حتى يغزو محمداً صلى الله تعالى عليه وسلم ليأخذ ثأر المشركين الذين قتلوا ببدر، فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر يمينه حتى أتي العريض بضم المهملة وفتح الراء وسكون الياء التحتية وفي النور أنه واد بالمدينة وفي الكلاعي فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة على بريد أو نحوه من المدينة، ثم خرج من الليل حتى أتى بني النضير تحت الليل، فأتى حيى بن أخطب فضرب عليه بابه فأبى أن يفتح له وخافه وانصرف إلى سلام بن مشكم وكان سيد بني النضير في زمانه وصاحب كنزهم فاستأذنه فآذن له، فقراه وسقاه، وفطن له من خبر الناس ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه فبعث رجالاً منهم فأتوا ناحية العريض فحرقوا أصوار نخل وقتلوا رجلاً من الأنصار وحليفاً له ثم انصرفوا راجعين، ونذر بهم الناس فخرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في طلبهم حتى بلغ قرقرة الكدر ثم انصرف وقد فاته أبو سفيان وأصحابه وطرحوا من أزوادهم يتخففون منها للنجاء وكان أكثر ما طرحوه السويق. فقال المسلمون حين رجع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يا رسول الله أتطمع أن تكون لنا غزوة؟ قال نعم.