وأقام صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه فيما وصف الله تعالى من الشدة والخوف لتظاهر عدوهم عليهم بضعا وعشرين ليلة. قريبا من شهر على ما في العيون وشهرا على ما في الهدى وعشرين يوما على ما لابن عقبة ثم ان نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف، بنون وفاء مصغر، الأشجعي، أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال إني أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت. فقال إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة. فخرج حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم! قالوا صدقت، ليست عندنا بمتهم.
فقال إن قريشا وغطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكم به أموالكم وأبنائكم ونساؤكم لا تقدروا أن تحولوا منه إلى غيره وإنهم جاءوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه وأموالهم ونساؤهم بغيره فإن رأوا غرة أصابوها وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبينه ولا طاقة لكم به إن خلا بكم فلا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون بأيديكم على أن تقاتلوا معهم محمدا. فقالوا لقد أشرت بالرأي. ثم أتى قريشا فقال لهم قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا وإنه قد بلغني أمر رأيت حقا علي أن أبلغكم وه نصحا لكم فاكتموه عني، قالوا نفعل، قال إن يهود ندموا على ما صنعوا وأرسلوا إلى محمد إنا قد ندمنا على ما فعلنا، أيرضيك أن نأخذ من أشراف قريش وغطفان رجالا تضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقى منهم حتى نستأصلهم؟ فأرسل إليهم نعيم فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا فلا تدفعوا لهم رجلا واحدا، ثم أتى غطفان وقال إنكم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلى ولا أراكم تتهموني، قالوا صدقت، قال فاكتموا عني، قالوا نفعل، فقال لهم مثل ما قال لقريش وكان من صنع الله لرسوله أن أبا سفيان ورؤوس غطفان أرسلوا إلى بني قريظة عكرمة في نفر من القبيلتين فقالوا إنا لسنا بدار مقام وقد هلك الخف والحافر فأعدوا