يدر ومعناه بإعجام الدال الحسن وبإهمالها يعيش بن إبراهيم الأموي، وإبراهيم هذا يقال والله أعلم انه من ولد عمر بن عبد العزيز، لا يخفى أن الإشتغال بالعلوم من أشرف المكاسب والاعتناء بها من أفضل المراتب وشرف كل علم إنما هو بحسب شرف المعلوم فلهذا كان الإهتمام بعلم السيرة النبوية فضله عظيم وخطبه جسيم لأنه هو الكفيل ببيان أحوال نبينا العلية وأطواره الشريفة الزكية من لدن كان في بطن آمنة الشريفة حملا إلى انتقاله إلى دار كرامته ولحوقه بالرفيق الأعلى صلى الله تعالى عليه وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم ولذا كان من أشرف العلوم قدرا وأرفعها منزلة وأطيبها ذكرا، فاليه ترتاح الأنفس والطباع وبه تلتذ الأفواه وتتشنف الأسماع وبرسمه ترشح المحابر والأقلام وباشادة ما اشتمل عليه تفرح الليالى واليام، فهو حديث لا يمل منه، يا ليتنا لم نله قط عنه، وقد اعتنى بالتأليف فيه من أهل الإسلام كثير من الأكابر الأجلة الأعلام فتبوؤوا من المجد السنام وحازوا من الشرف أعلى مقام وقربوا في تآليفهم للأنام ما كان من السيرة صعب المرام ما بين منثور يروق عند العيان ومنظوم يزري بالدر على نحور الخرد الحسان، جزاهم الله تعالى عنا أحسن الجزاء ومن علينا وعليهم بالعفو والإرضاء، ومن أجمع ما رأينا فيه كتاب "المواهب" وشرح الزرقاني عليه وفيه أنشد لسان الحال ما صدق المقال:
(هذا كتاب لو يباع بوزنه ... ذهبا لكان البائع المغبون)
ومن أشهر المختصرات المؤلفة فيه في هذه الأقطار النظم المسمى ب:"قرة الأبصار" فقد تداولته الكبار والصغار وهو كتاب قد طابق منه الإسم المسمى، فكم احتوى عليه من أخبار صاحب العز الأحمى والقدر المنيف الأسمى عليه أفضل السلام وأعلاه وأزكى الثناء وأعذبه وأحلاه، لكنه في هذه الناحية لا شرح له يحل رموزه ويفتح ألفاظه ويبرز كنوزه فحملني التطفل على الدخول في خدمة هذا الجناب العالي والانتماء إلى ظل حماه المتعالي على أن صرفت قصدي إلى شرح هذا الكتاب فشرحته بعون الملك الوهاب شرحا يبين ألفاظه لمن يتعاطاه من