أخيها أنه كائن في هذه الأمة نبي، فقالت حين نظرت إلى وجهه وفيه نور المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان عبد الله أحسن رجل رياء في قريش لك مثل الإبل التى نحرت عنك وقع على الآن أي جامعني ولعله كان من شرعهم ان المرأة تزوج نفسها بلا ولي ولا شهود لأنها لم تكن زانية ولا مريدة له بل هي عفيفة وقالت له ذلك لما رأت في وجهه من نور النبوءة رجاء أن تحمل بهذا النبي الكريم فأبى الله أن يجعله إلا حيث شاء، فقال لها أنا مع أبي ولا أستطيع فراقه ولو لم أكن معه لوقعت عليك بوجه جائز كتزويجي بك وقيل أجابها بقوله:
(أما الحرام فالحمام دونه ... والحل لا حل فأستبينه)
(فكيف بالأمر الذى تبغينه ... يحمي الكريم عرضه ودينه)
قوله فالحمام في رواية فالمماة وقوله والحل لا حل أي لعدم تزوجي بك وقوله فأستبينه أي أطلب ظهوره وأعمل بمقتضاه وتبغينه تطلبينه ويحمي يمنع وعرضه كلما يحمد عليه أو يذم من نفسه أو أسلافه أي لا يفعل ما يدنس عرضه أو دينه وعند أبي نعيم لما خرج عبد المطلب بأبنه ليزوجه مر على كاهنة من تبالة بفتح القوقية فموحدة خفيفة فألف فلام فتاء تأنيث موضع باليمن وآخر بالطائف متمسكة بدين اليهود قد قرأت الكتب يقال اسمها فاطمة بنت مر الخثعمية فرأت نور النبوءة في وجهه وذكر نحو ما تقدم من دعائه إلى نكاحها وإبايته، زاد البرقي فلما أبى قالت:
(إني رأيت مخيلة نشأت ... فتلألأت بحناتم القطر)
(فسمي لها نور يضيء به ... ماحوله كإضاء الفجر)
(ورأيت سقياها حيا بلد ... وفعت به وعمارة الفقر)
(ورأيتها شرفا ينوء به ... ما كل قادح زنده يوري)
(لله ما زهرية سلبت ... منك الذى استلبت وما تدري)
ثم خرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة بضم الزاء بن كلاب وهو يومئذ سيد بنى زهرة نسبا وشرفا فزوجه ابنته آمنة وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا أي من جهة الأب