روى الترمذي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال لا يمشين أحدكم في نعل واحد لينعلهما جميعاً أو ليحفيهما. والنهي للكراهة ومحله إن لم تكن ضرورة إلا فلا كراهة. وعليه يحمل ما روي أنه عليه السلام ربما فعله ويحتمل أنه لبيان الجواز انظر جسوسا. وقوله لينعلهما أي القدمين بضم الياء من أنعل وبفتحها يقال نعل بفتح العين وتكسر، ويحفيهما بضم أوله من الإحفاء وهو الإعراء عن نحو النعل قاله البيجوري.
وروى الترمذي أيضاً مرفوعاً: إذا انتعل أحدكم فاليبدأ باليمين وإذا نزع فاليبدأ بالشمال. قال جسوس والأمر للاستحباب قاله عياض إجماعاً انتهى، ومما ورد في باب التنعل أنه يكره قائماً لكن حمل على نعل يحتاج في لبسهما إلى الاستعانة باليد لا مطلقاً، قاله البيجوري.
(وكان ثوبان له للجمعه ... غير ثياب لبسه المرتفعة)
ثوبان اسم كان والخبر له، ولبسه بضم اللام. ومعنى البيت أنه عليه السلام كان له ثوبان يلبسهما للجمعة غير أثوابه الشريفة المعدة للبس. وفي العيون ويلبس يوم الجمعة ثوباً غير ثيابه المعتادة كل يوم، ولا يخرج يوم الجمعة إلا معتماً بعمامة يرسلها بين كتفيه ويديرها ويغرزها انتهى.
وفي الموطإ أنه عليه السلام قال: ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين للجمعة سوى ثوبي مهنته. والاستفهام متضمن للتنبيه والتوبيخ فيقال لمن أهمل شيئاً أو غفل عنه ما عليه لو فعل كذا، وقوله ثوبين هما قميص ورداء أو جبة ورداء.
قال ابن عبد البر: ومهنته بذلته وخدمته، والرواية بفتح الميم وقد تكسر، وفيه الندب لمن وجد سعة أن يتخذ الثياب الحسان للجمع. وكان عليه السلام يفعل ذلك ويعتم وفيه الأسوة الحسنة انتهى من شرح الزرقاني عليه.