تعالى عليه وسلم أن لا يترك أحداً يلحق بهم فانصرف يقول للناس كفيتم ما هاهنا ووقع في نفسه ظهور النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. وقوله الهجرة بكسر الهاء وقال التلمساني بفتح أو كسر قوله جعلت قريش فيه قال السهيلي بذلت قريش مائة ناقة لمن يرد عليهم محمداً صلى الله تعالى عليه وسلم وأنذر بالبناء للمجهول أي أعلم سراقة به أي بتوجهه عليه السلام إلى المدينة وساخت بالحاء المعجمة أي غاصت وغابت والأزلام جمع زلم بفتحتين أو بضم ففتح وهي سهام لا ريش بها ولا نصل يكتب على أحدها افعل وعلى آخر لا تفعل، وغيرهما مغفل وكان محلها داخل الكعبة وكان بعضهم يضعها في متاعه وجعبته فإذا عرض له مهم أخرج سهماً فإن خرج افعل، فعل أو لا تفعل ترك وإن خرج المغفل أعاد العمل وقيل المكتوب على الواحد أمرني ربي وعلى الثاني نهاني والثالث غفل لا شيء عليه وأصل معنى استقسم ضرب بها لإخراج ما قسم الله له من أمره ونهيه، قاله ابن سلطان.
وفي البخاري أن قريشاً جعلوا دية كل واحد منهما لمن قتله أو اسره وللإسماعيلي أن سراقة لما نجا قال هذه كنانتي فخذ منها سهماً فإنك تمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا وخذ منهما حاجتك فقال لا حاجة لنا في إبلك وفي رواية أن سراقة قال يا نبي الله مرني بما شئت قال فقف مكانك لا تتركن أحداً يلحق بنا فكان أول النهار جاهداً على نبي الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكان آخر النهار مسلحة له رواه البخاري. وقوله مسلحة أي حارساً له بسلاحه. ولابن عقبة وابن اسحاق عن سراقة فلم أذكر شيئاً مما كان حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من حنين خرجت للقائه ومعي الكتاب فألقيته بالجعرانة فرفعت يدي بالكتاب فقلت يا رسول الله هذا كتابك قال يوم وفاء وبر، ادن، فدنوت منه وأسلمت، انتهى.
ولما بلغ أبا جهل أمر سراقة لأمه على تركهم فقال:
(أبا حكم والله لو كنت شاهداً ... لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه)
(عجبت ولم تشك بأن محمداً ... نبي ببرهان فمن ذا يقاومه)