للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المبيع، فحكمه في جواز التصرف فيه حكم العوض المتعين بعقد البيع؛ وإن كان العقد لا [ق ١٩١] ينتقض بهلاك العوض المتعين به، كالمهر، وعوض الخلع والعتق، والصلحِ عن دم العمد، فحكمه حكم المملوك بعقد البيع (١) وما مُلِّك بغير عوض كالميراث والوصية والهبة، فالتصرف فيه جائز قبل قبضه.

قال المخصصون: قد ثبت في «صحيح البخاري» (٢) عن عمرو بن دينار عن ابن عمر قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فكنت على بَكر صعب لِعُمَر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر ويردّه، ثم يتقدم فيزجره ويقول لي: أَمْسِكه، لا يتقدم بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بعْنيه يا عمر»، فقال: هو لك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: «بِعنيه»، فباعه منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هو لك يا عبدَ الله فاصنع به ما شئت». فهذا تصرف في المبيع غير المكيل والموزون قبل قبضه.

قال المعممون: لا ريب أن هذا تصرف فيه بالهبة لا بالمعاوضة. ونحن لنا في مثل هذا التصرف قبل القبض خلاف، فمن أصحابنا من يجوّزه ويفرّق بين التصرف فيه بالبيع والتصرف بالهبة، ويُلحق الهبة بالعتق، ويقول: هي


(١) كذا في الأصل، وفيه نظر، فإنه قد سبق آنفًا أن العقد الذي ينتقض بهلاك العوض المتعين هو الذي يكون حكمه حكم المملوك بعقد البيع في عدم جواز التصرف قبل قبضه، والكلام هنا على العقد الذي لا ينتقض بهلاك العوض المتعين. ولعل صواب العبارة: «فحكمه حكم المملوك بالقرض وما مُلِّك بغير عوض كالميراث ... ». انظر: «المستوعب» (١/ ٦٢١).
(٢) برقم (٢١١٥).