للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأوصاف الملبوس, لا لبيان جميع محظورات الإحرام.

الحكم الثالث: أنه - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في لُبس الخُفّين عند عدم النعلين ولم يذكر فديةً, ورخَّص في حديث كعب بن عُجْرة في حَلْق رأسِه مع الفدية, وكلاهما محظور بدون العذر. والفرق بينهما: أن أذى الرأس ضرورة خاصة لا تعمّ, فهي رفاهية للحاجة. وأما لُبس الخُفّين عند عدم النعلين فبَدَل يقوم مقام المُبْدَل, والمُبْدَل ــ وهو النعل ــ لا فدية فيه, فلا فدية في بدله, وأما حلق الرأس فليس ببدل، وإنما هو ترفُّه للحاجة, فجُبِر بالدم.

الحكم الرابع: أنه أمَرَ لابس الخُفَّين بقطعهما أسفل مِن كعبيه, في حديث ابن عمر, لأنه إذا قطعهما أسفل من الكعبين صارا شبيهين بالنعل. فاختلف الفقهاء في هذا القطع, هل هو واجب أم لا؟ على قولين:

أحدهما: أنه واجب, وهذا قول الشافعي وأبي حنيفة ومالك [ق ٦٧] والثوري وإسحاق وابن المنذر, وإحدى الروايتين عن أحمد (١) , لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطعهما, وتعجَّبَ الخطّابيُّ (٢) من أحمد فقال: العجَبُ من أحمد في هذا! فإنه لا يكاد يخالف سنةً تبلُغُه, وَقلَّت سنةٌ لم تبلُغْه. وعلى هذه الرواية إذا لم يقطعهما تلزمه الفدية.

والثاني: أن القطع ليس بواجبٍ, وهو أصحّ الروايتين عن أحمد, ويُروى عن عليّ بن أبي طالب, وهو قول أصحاب ابن عباس, وعطاء,


(١) ينظر: «التمهيد»: (١٥/ ١٤)، و «المغني»: (٥/ ١٢٠ - ١٢١)، و «شرح مسلم»: (٨/ ٧٥)، و «بدائع الصنائع»: (٢/ ١٨٤).
(٢) في «معالم السنن»: (٢/ ١٧٧).