للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: إن الله عز وجل في السماء. هذا لفظه في كتاب «الأسماء والصفات».

قالوا: وأما اختلاف مقدار المسافة في حديثَي العباس وأبي هريرة، فهو مما يشهد بتصديق كل منهما للآخر، فإن المسافة يختلف تقديرها بحسب اختلاف السير الواقع فيها، فسير البريد مثلًا يُقطَع بقدر سير ركاب الإبل سبع مرات، وهذا معلوم بالواقع، فما تَسِيره الإبل سيرًا قاصدًا في عشرين يومًا يقطعه البريد في ثلاثة، فحيث قدَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسبعين أراد به السير السريع سير البريد، وحيث قدَّر بالخمسمائة أراد به السير الذي يعرفونه سير الإبل والركاب، فكل منهما يصدِّق الآخر ويشهد بصحته، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا.

٥٧٢/ ٤٥٥٩ - وعن جُبير بن محمد بن جبير بن مُطْعِم، عن أبيه، عن جده قال: أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أعرابيٌّ فقال: يا رسولَ الله، جَهِدَتِ الأنفُس، وضاعت العيالُ، ونُهِكَت الأموالُ، وهَلكت الأنعامُ، فاسْتَسْقِ الله لنا، فإنَّا نَسْتَشْفِعُ بك على الله، ونستشفع بالله عليك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَيْحَك! أتدري ما تقول؟» وسَبَّح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فما زال يُسبح حتى عُرِف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: «وَيحَك! إنه لا يُسْتَشْفَعُ بالله على أحدٍ مِن خَلقه، شأنُ الله أعظمُ من ذلك، ويحك! أتدري ما الله؟ إنَّ عرشه على سماواته لَهكذا ــ وقال بأصابعه مثلَ القُبَّة عليه ــ وإنه لَيَئِطُّ به أَطِيط الرَّحل بالراكب». قال ابن بشَّار في حديثه: «إن الله فوقَ عرشه، وعَرْشُه فوق سمواته ... » وساق الحديث (١).


(١) «سنن أبي داود» (٤٧٢٦)، وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٥٧٧، ٥٧٨)، والبزار (٣٤٣١، ٣٤٣٢)، وابن خزيمة في «التوحيد» (١٧٥)، وأبو عوانة في «المستخرج» (٢٥١٧)، والطبراني في «الكبير» (٢/ ١٢٨)، والآجري في «الشريعة» (٣/ ١٠٩١)، والدارقطني في «الصفات» (٣٨)، وابن منده في «التوحيد» (٣/ ١٨٨) كلهم من طريق ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد به، إلا أنه ورد في بعض الطرق: «يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد»، وخطّأه أبو داود والبزار والدارقطني، وقالوا: الصواب «يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد».
قال ابن منده: «هو إسناد صحيح متصل من رسم أبي عيسى والنسائي»، وقال الذهبي في «العلو» (١/ ٤١٣ - ٤١٦): «هذا حديث غريب جدًّا فرد، وابن إسحاق حجّة في المغازي إذا أسند، وله مناكير وعجائب، فالله أعلم أقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا أم لا ... وإنما سقناه لما فيه ممّا تواتر من علو الله تعالى فوق عرشه مما يوافق آيات الكتاب».