للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي «الصحيحين» (١) عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرًا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانًا وكفرًا».

وفي «الصحيحين» (٢) عن الصعب بن جثّامة قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدار من المشركين يُبَيَّتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم، فقال: «هم منهم». وفي لفظ (٣) لهما: «هم من آبائهم».

وهذه الأحاديث لا تَناقض بينها، بل يصدّق بعضها بعضًا. وقد اختلف العلماء في الأطفال على ثمانية أقوال (٤):

أحدها: الوَقْفُ فيهم وتركُ الكلام في مستقرهم، ويوكل علمهم إلى الله تعالى. قال هؤلاء: وظواهر السنن وأجوبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس وأبي هريرة تدل على ذلك، إذ وَكَل عِلمَهم إلى الله وقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين».

قالوا: وقد روى ابن حبان في «صحيحه» (٥) من حديث جرير بن حازم


(١) البخاري (٤٣٠١) ومسلم (٢٦٦١) واللفظ له.
(٢) البخاري (٣٠١٢)، ومسلم (١٧٤٥).
(٣) البخاري (٣٠١٣)، ومسلم (١٧٤٥/ ٢٨).
(٤) وقد بحث المؤلف هذه المسألة في الطبقة الرابعة عشرة من طبقات المكلفين في كتابه «طريق الهجرتين» (٢/ ٨٤٠ - ٨٧٧)، كما عقد فصلًا طويلًا في كتابه «أحكام أهل الذمّة» (٢/ ١٠٨٦ - ١١٥٨) وذكر فيه لأهل العلم عشرة مذاهب في المسألة.
(٥) برقم (٦٧٢٤)، ومن طريقه الضياء في «المختارة» (١٣/ ٣)، وأخرجه أيضًا الفريابي في «القدر» (ص ١٧٤ - ١٧٥)، والحاكم (١/ ٣٣)، والبيهقي في «القدر» (٤٤٥)، من طرق عن جرير بن حازم به.

قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين ولا نعلم له علّة». بلى له علّة، وهي أنه خالف هؤلاء الرواةَ عن جرير مَن هو أثبت منهم كوكيع وأبي أسامة ويزيد بن هارون، فرووه عن جرير بن حازم فوقفوه على ابن عباس من قوله. ولذا قال البيهقي: إن المرفوع ليس بمحفوظ، وإن الموقوف هو الصحيح. والموقوف قد أخرجه عبد الله في «السنة» (٨٤٦)، والفريابي (ص ١٧٥)، والخطابي في «الغريب» (٢/ ٤٦٥)، والبيهقي في «القدر» (٤٤٦ - ٤٤٨).