للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبالنهي عن تغييره كلَّها صحاح، وليس فيها شيء يُبطِل ما خالفه، لكن بعضها عام وبعضها خاص؛ فالمراد بأحاديث التغيير الخصوص مثل ما كان شيبُ أبي قحافة، فأمَّا الشَّمَط ففيه النهي عن التغيير. واختلاف السلف بحسب اختلاف أحوالهم، ولا يصح أن يقال: إن أحدها ناسخ للآخر لعدم دليل النسخ. هذا كلامه.

وقال آخرون: ذلك دليل على اختلاف حالين، أحدهما: عادة البلد، والثاني: اختلاف الناس، فرُبَّ شيبةٍ هي أجمل منها مصبوغة، ومنه ما يُستشنَع (١) فالصَّبْغُ فيه أولى.

وفي الخضاب فائدتان، أحدهما: تنظيف الشعر مما تعلق به من الغبار ونحوه، والثاني: مخالفة أهل الكتاب (٢).

قال ابن القيم - رحمه الله -: والصواب أن الأحاديث في هذا الباب لا اختلاف بينها (٣) بوجه، فإن الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من تغيير الشيب أمران، أحدهما: نَتْفه (٤)، والثاني: خضابه بالسواد، كما تقدم، والذي أذن فيه صَبْغُه وتغييره بغير السواد، كالحنّاء والصُّفرة، وهو الذي عمله الصحابة - رضي الله عنهم -.

قال الحَكَم بن عمرو الغفاري: دخلت أنا وأخي رافع على عمر بن


(١) كذا في (هـ)، وفي «المختصر» المخطوط: «يُستبشَع».
(٢) كلام المنذري من (هـ)، وما كان فيه من سقط وخرم وتصحيف فاستدرك من «المختصر» المخطوط. وقد زاد المؤلف في أثنائه نقلًا عن «المغني» كما سبق التنبيه عليه في موضعه.
(٣) الأصل: «بينهما»، والمثبت من (هـ).
(٤) يشير إلى ما سبق في «سنن أبي داود» (٤٢٠٢) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه مرفوعًا: «لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم يشيب شَيبة في الإسلام إلا كانت له نورًا يوم القيامة».