للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واختلفوا: لِمَ أعطاه ذلك؟ على أربعة أقوال.

أحدها: أن يكون أراد بذلك إكرام ولده، فقد كان مسلمًا بريئًا من النفاق.

والثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم - ما سُئل شيئًا قطّ فقال: لا.

والثالث: أنه كان قد أعطى العباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصًا لمّا أُسِرَ يوم بدر، ولم يكن على العباس ثياب يومئذ، فأراد أن يكافئه على ذلك لئلا يكون لمنافق عنده يد لم يُجازِه عليها (١).

والرابع: أنه يَحتمِل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما فعل ذلك قبل أن ينزل قوله عز وجل: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: ٨٤] (٢).

قال ابن القيم - رحمه الله -: ولا تعارض بين هذين الحديثين بوجه، فإن حديث أسامة صريح بأنه أعطاه القميص وقت موته، فكفنه فيه، وحديث جابر بن عبد الله (٣) لم يقل فيه: إنه ألبسه قميصه حين أخرجه من قبره، وإنما فيه: «أنه نفث عليه من ريقه، وأجلسه على ركبتيه، وألبسه قميصه»، فأخبر بثلاث جُمَل متباينة: الأُولَيان منها يتعين أن تكونا بعد الإخراج من القبر، والثالثة لا يتعيّن فيها ذلك، ولعل جابرًا (٤) لما رأى عليه القميص في تلك الحال ظن أنه ألبسه إياه حينئذ.

٢ - باب العيادة من الرمد

٣٢٥/ ٢٩٧٤ - عن زيد بن أرقم، قال: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وَجَع كان


(١) انظر: «صحيح البخاري» (٣٠٠٨).
(٢) جاء ذلك مصرّحًا به في حديث ابن عمر المتقدم.
(٣) في الأصل: «عبد الله بن عمر»، وهو سبق قلم، وقد تقدم الحديث آنفًا.
(٤) في الأصل: «ابن عمر»، كسابقه.