للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما ما ظنه أبو محمّد من معارضة هذا الحديث لقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} الآية [البقرة: ٢٨]، وأنهما حياتان وموتان (١) لا غير= فجوابه: أنه ليس في الحديث أنه يحيا حياة مستقرة في قبره، والحياتان المذكورتان في الآية هما اللتان ذُكرا (٢) في قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: ١١]، وهاتان حياتان مستقرتان، وأما رد الروح إليه في البرزخ للسؤال فردٌّ عارض لا يتّصل به حياةٌ تُعَدّ حياةً ثالثة (٣)، فلا معارضة بين الحديث والقرآن بوجه من الوجوه، وبالله التوفيق.

وفي «الصحيحين» (٤) عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أحدكم إذا مات عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك، حتى يبعثك الله يوم القيامة».

وفي «صحيح مسلم» (٥) عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن لا تَدافنوا لدعوتُ الله أن يُسمعكم من عذاب القبر». وفي «صحيحه» (٦) أيضًا عن زيد بن ثابت قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تُلقيه. وإذا أَقْبُرٌ ستة ــ أو خمسة أو أربعة ــ فقال:


(١) في الطبعتين: «موتتان» خلافًا للأصل.
(٢) كذا في الأصل، والوجه: «ذُكرَتا».
(٣) في الطبعتين: «بعد حياة ثالثة»، تحريف أضاع المعنى وأفسد الكلام.
(٤) البخاري (١٣٧٩) ومسلم (٢٨٦٦).
(٥) برقم (٢٨٦٨).
(٦) برقم (٢٨٦٧).