للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكن عليها في ستر بدنها فدية, وكذلك حاجة الرجال إلى السراويلات والخِفاف هي عامة, إذا لم يجدوا الإزار والنعال, وابنُ عمر لمَّا لم يبلُغْه حديث الرخصة مطلقًا أخذ بحديث القطع, وكان يأمر النساءَ بقطع الخِفاف, حتى أخبرَتْه بعد هذا صفيةُ زوجتُه عن عائشة: «أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أرخص للنساء في ذلك» , فرجع عن قوله (١).

ومما يبيِّن أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أرخص في الخفين بلا قطع بعد أن منع منهما: أن في حديث ابن عمر المنع من لبس السراويل مطلقًا, ولم يبيِّن فيه حالة من حالة, وفي حديث ابن عباس وجابر المتأخِّرَين ترخيصُه في لبس السراويل عند عدم الإزار, فدلَّ على أن رُخصة البدل لم تكن شُرِعت في لبس السراويل, وأنها إنما شُرِعت وقت خُطبته بها, وهي متأخرة, فكان الأخْذُ بالمتأخِّر أولى, لأنه إنما يُؤخَذ بالآخر فالآخر مِن أَمْرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فمدار المسألة على ثلاث نُكَت: إحداها: أن رُخصة البدليَّة إنما شُرِعت بعرفات لم تُشْرَع قَبْلُ. والثانية: أن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع. والثالثة: أن المقطوعَ (٢) كالنعل أصلٌ, لا أنه بدل. والله أعلم.

فصل

وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر المرأةَ أن تنتقب، وأن تلبس القُفَّازَين, فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه, فيحرم عليها فيه ما وُضِع وفُصِّل على قَدْر الوجه كالنقاب والبرقع, ولا يحرم عليها ستره


(١) تقدم تخريجه (ص ٣٤٧).
(٢) ط. الفقي: «الخف المقطوع» بزيادة الخف.