للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِعْل المحظورِ مع الافتداء (١) , فكان أسعدَ بالنصوص وموافقتها منكم, مع موافقته لابن عمر في ذلك.

قيل: بل إيجاب الفدية ضعيف في النصِّ والقياس, فإنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذكر البَدَلَ في حديث ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة, ولم يأمر في شيءٍ منها بالفدية, مع الحاجة إلى بيانها, وتأخيرُ البيان عن وقته ممتنع, فسكوته عن إيجابها مع شدَّة الحاجة إلى بيانه ــ لو كان واجبًا ــ دليلٌ على عدم الوجوب, كما أنه جَوَّز لبس السراويل بلا فتق, ولو كان الفتقُ واجبًا لبيَّنَه. وأما القياس فضعيف جدًّا؛ فإن مثل (٢) هذا من باب الأبدال التي تجوز عند عدم مُبْدَلاتها, كالتراب عند عدم الماء, وكالصيام عند العجز [عن] (٣) الإعتاق والإطعام, وكالعدة بالأشهر عند تعذُّر الأقراء ونظائره, ليس هذا من باب المحظور المستباح بالفدية.

والفرقُ بينهما: أن الناس مشتركون في الحاجة إلى لبس ما يسترون به عوراتِهم, ويَقُوْنَ به أرجلَهم الأرضَ والحرَّ والشوكَ ونحوَه, فالحاجة إلى ذلك عامة, ولما احتاج إليه العموم لم يُحْظَر عليهم, ولم يكن عليهم فيه فدية، بخلاف ما يحتاج إليه لمرض أو برد, فإنَّ ذلك حاجة لعارض, ولهذا رخَّص النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للنساء في اللباس مطلقًا بلا فدية, ونهى عن النقاب والقُفَّازين, فإن المرأة لما كانت كلها عورة, وهي محتاجة إلى ستر بدنها, لم


(١) ط. الفقي: «الفدية».
(٢) ط. الفقي: «قيل» تصحيف.
(٣) في الأصل و (ش، هـ): «و» بدلا من «عن» واستفيد الإصلاح من الطبعتين، لكنهم لم يشيروا إلى ما في الأصل.