للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لبسه أصلٌ لا بَدَل, فجَوَّز لبسه مطلقًا, وهذا فهمٌ صحيح, وقولُه في هذا أصحّ من قول الثلاثة. والثلاثةُ فهموا منه الرخصة في لُبس السراويل عند عدم الإزار والخفِّ عند عدم النعل, وهذا فهمٌ صحيح, وقولهم في هذا أصح من قوله.

وأحمدُ فهم من النص المتأخر لبس الخفِّ صحيحًا بلا قطع عند عدم النعل, وأن ذلك ناسخ للأمر بالقطع, وهذا فهم صحيح, وقوله في ذلك أصح الأقوال.

فإن قيل: فلو كان المقطوع أصلًا، لم يكن عدم النعل شرطًا فيه, و النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إنما جعله عند عدم النعل.

قيل: بل الحديث دليلٌ على أنه ليس كالخفّ, إذ لو كان كالخُفّ لما أمر بقطعه، فدلَّ على أنه بقطعه يخرج عن شَبَه الخفِّ, ويلتحق بالنعل.

وأما جَعْله عدم النعل شرطًا فلأجل أن القطعَ إفساد لصورته ومالِيَّته, وهذا لا يُصارُ إليه إلا عند عدم النعل, وأما مع وجود النعل فلا يُفْسِدُ الخفَّ ويُعْدِم مالِيّته, فإذا تبيَّن هذا تبين أن المقطوع ملحقٌ بالنعل لا بالخُفّ, كما قال أبو حنيفة, وأن على قول الموجبين للقطع لا فائدة فيه, فإنهم لا يجوِّزون لبس المقطوع, وهو عندهم كالخفِّ.

فإن قيل: فغايةُ ما يدلُّ عليه الحديث جوازُ الانتقال إلى الخفّ والسراويل عند عدم النعل والإزار, وهذا يفيد الجواز, وأما سقوط الفدية فلا, فهلَّا قلتم كما قال أبو حنيفة: يجوز له ذلك مع الفدية؟ فاستفادَ الجوازَ من هذا الحديث, واستفادَ الفديةَ من حديث كعب بن عُجْرة, حيث جوَّز له