للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحلِل من حجّك بعمرة كما أمرتَ أصحابك؟ وقد تأتي «من» بمعنى «الباء» كما قال تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: ١١] أي: بأمر الله، يريد ولم تحلّ أنت بعمرة من إحرامك الذي جئت به مفردًا في حجتك (١).

قال ابن القيم - رحمه الله -: وقالت طائفة: هذه اللفظة غير محفوظة, فإن عبيد الله بن عمر لم يذكرها في حديثه. حكاهما ابن حزم (٢). وقالت طائفة: هي مروية بالمعنى, والحديث: «ولم تحِلّ أنتَ مِن حَجِّك» , فأبدل لفظ الحجِّ بالعمرة. وقالت طائفة: الحديث إنما فيه إقراره لها على أنه في عمرة, وليس فيه أنها عمرة مفردة لا حجَّةَ معها. وقد أخبر عن نفسه بأنه قَرَن, فهو إذن في حجٍّ وعمرة ومَن كان في حج وعمرة فهو في عُمرة قطعًا.

وهذه الوجوه بعضها واهٍ وبعضها مُقارِب. فقول من قال: المراد به من حجتك بعيدٌ جدًّا, إذ لا يُعَبَّر بالعمرة عن الحجّ, وليس هذا عُرْف الشرع, ولا يطلق ذلك إلا إطلاقًا مقيَّدًا, فيقال: هي الحجّ الأصغر.


(١) ذكر المجرِّد أن المؤلف علَّق على كلام المنذري ــ وساق طرفًا منه ــ وليس كلام المنذري في المطبوع من «مختصره»: (٢/ ٣٢٩) إلا إلى قوله: «فلم تحلل من حجك»، وقد وجدنا نصه في (خ - المختصر) (ق ٥٢ ب) معلّقًا في طرة النسخة، فسقناه كاملًا.
وفي ط. الفقي ساق كلام ابن القيم من قوله: «وقد تأتي «من» بمعنى «الباء» ... » وفي ط. المعارف من قوله: «وقالت طائفة: معناه لم تحلل ... » وذلك ناتج عن عدم وقوفهم على كلام المنذري. ويظهر لي أن المجرِّد لم يحرِّر مبدأ كلام المؤلف ومنتهى كلام المنذري، وربما كان ذلك عائدًا إلى تداخل كلام ابن القيم والمنذري. والله أعلم.
(٢) في «حجة الوداع» (ص ٤٣٨).